بشكل فعال في صراع العلويين مع العباسيين. واقدم حوادث هذا الصراع واكثرها احقية بالذكر الثورة التي قام بها في عام ٧٦٢م محمد وابراهيم حفيدا الحسن ـ الابن الأكبر لعلي (ع) ، فسببا بذلك للمنصور اهتماماً وقلقاً شديدين. ففي الوقت الذي كان فيه احد الاخوين وهو محمد قد استمكن من الحجاز حيث استطاع ان يحصل على مبايعة سكان مكة والمدينة له بالخلافة نظم الاخ الاخير ابراهيم عصياناً في البصرة لم يلبث ان انتشر بسرعة فشمل القسم الاغلب من العراق وعربستان المجاورة له (١). وقد ازداد وضع الخليفة الذي كان يسكن بالقرب من الكوفة حرجاً بسبب من ان كل جيشه تقريباً كان قد ارسل إلى الحجاز لقمع عصيان محمد ، غير ان المنصور لم يرتبك في تلك اللحظة الحرجة واستطاع بفضل اتخاذ سلسلة من الاجراءات التي تدل على الحذق ان يحافظ على طاعة الكوفة التي كان ابراهيم الثائر فيها عدد كبير من الانصار إلى ان عادت قواته إلى العراق. وهكذا فعندما تحرك ابراهيم من البصرة إلى الكوفة بعد ان وصلته اخبار اندحار اخيه وموته ، استطاع المنصور ان يتصدى له بجيشه كله وان يتغلب عليه نهائياً.
لقد قرر الخليفة ان يلقن اهالي البصرة درساً قاسياً بسبب اسنادهم لابراهيم فأرسل إلى عاصمة العراق الجنوبي المدعو سلم بن قتيبة وفوّضة ان يعاقب بلا رحمة جميع من اشترك في الانتفاضة من السكان ، وعندما تباطأ العامل في تنفيذ هذا الامر القاسي استدعي على الفور واستبدل بمحمد بن سلمان ، وقد نفذ هذا تعليمات الخليفة بدقة فقد هدم ما يقرب من ثلاثين الف دار ودمر اكثر من عشرين الف نخلة يملكها انصار ابراهيم
__________________
(١) ميللر : المصدر السابق ج ٢ ، ص ١٨٠.