كما انه اعدم خمسة وخمسين شخصاً من الوجهاء المحليين وارسل مالا يقل عن خمسمائة اخرين مكبلين بالاغلال إلى بغداد لكي يقتص منهم الخليفة بنفسه (١). ولكن مهما كانت شدة القسوة التي تعرضت لها البصرة بسبب رغبتها في نصرة العلويين فان هذا الدرس لم يهدئ سكانها الا مؤقتاً فحسب.
ولقد قدر المنصور الذي لم يتخلص من انتفاضة ابراهيم القوية الا بعد جهد كبير مقدار الخطر الذي يتهدده من جانب العلويين ولهذا فأنه ظل يراقبهم طيلة فترة خلافته بدقة وكان يعدمهم دون رحمة عند اول بادرة للعصيان.
ان مثل هذه الاجراءات العنيفة لم تساعد العباسيين كما سنرى لاحقاً على ان يأمنوا جانب العلويين فلقد ظل هؤلاء يتحينون كل فرصة سانحة لزعزعة اركان خلافة بغداد إلى ان ضعضعوها بحيث اصبحت غنيمة سهلة للغزاة الاجانب.
والى جانب استياء العرب الذي اتضح في الانتفاضة على العباسيين تحت راية العلويين تنامت ايضاً الحركة الفارسية الرامية إلى ان تتخلص فارس من الحكم العربي. وقد ازدادت هذه الحركة سعة بعد ان رأى الفرس في سقوط ابناء جلدتهم البرامكة في عهد هارون الرشيد عام ٨٠٣م تحولاً يشير إلى عودة خلفاء بغداد إلى سياسة الامويين العربية الخالصة. ولهذا استغل الفرس النزاع الذي نشب بعد موت هارون الرشيد حول الخلافة بين ولديه محمد الامين ابن زبيدة زوجة الرشيد العربية وعبد الله المأمون الذي كان ابنأ لجارية فارسية ، حتى تحول هذا النزاع العائلي
__________________
(١) السنامة العثمانية الخاصة بولاية البصرة لسنة ١٣٠٩ ه ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤.