يعجل ابن الموفق بمحاصرة هذه الحصون بل قام في البداية بتطهير جميع الطرق المائية من عصابات الزنج إلى ان اتى لنجدته ابوه عل رأس تعزيزات جديدة فأمكن ذلك الاستيلاء في عام ٨٨٠ م على وكري الزنج كليهما.
لم يبقَ بعد ذلك الا الاستيلاء على حصن العبيد الاخير ونعني عاصمة خليفتهم «الخبيث» هذا النموذج العراقي لستيبكاء رازين (١) ، التي كانت تسمى «المختارة» وتقع على ضفتي قناة ابي خصيب ، وهي عبارة عن حصن محاطة باسوار عريضة وعالية لها ابراج ومزاغل. لقد تجمعت في المختارة كل الثروات التي نهبها العبيد في فترة سيطرتهم على جنوب العراق وعربستان كما كان هناك الكثير من النساء اللواتي جلبهن الزنج من البصرة والآبلة والاحواز وواسط وغيرها من المدن والمواقع التي تعرضت لهجماتهم الماحقة.
لقد كان من الصعوبة بمكان الاستيلاء على هذا الحصن عن طريق الاقتحام لان من المتوقع ان يجابه الهجوم عليه بمقاومة يائسة ولهذا قرر الموفق الذي كان قد اصبح خليفة قبل ذلك ان يفرض على القلة حصاراً محكماً ولكي يسهل عملية تجهيز جيشه بالمؤون ويتخذ لنفسه نقطة استناد بنى بالقرب من شط العرب وفي موقع البصرة الحالية معسكراً محصناً سمي بـ «الموفقية» على اسمه. ولكن العمليات العسكرية طالت كثيراً ولم تسقط «المختارة» الا في اواسط عام ٨٨٣ م فحملت رأس «الخبيث» الملطخة بالدم إلى الخليفة. وقد كان هذا التأخير لصالح «الموفقية» التي
__________________
(١) ستيبكارازين هو ستيبان تيموفيتش رازين قائد الثوار في حرب الفلاحين ١٦٧٠ ـ ١٦٧١ في روسيا والمؤلف هنا يشبه صاحب الزنج به. (المترجم).