ابي سعيد وخليفته (١). لقد كان ابو طاهر هذا بشجاعته وجرأته وعزيمته التي لا تعرف الكلل بطلاً حقيقياً وفق مقاييس البدو إلى حد انه استطاع ان يجذب تحت رايته حتى ذلك الجزء من ابناء الصحراء الذين لم يكونوا يتعاطفون مع مذهب القرامطة ولكنهم انضموا إلى زعيمهم عن طيب خاطر بسبب ولعهم بالسلب والنهب.
بدأ أبو طاهر حكمه بان سلب في عام ٩١٥م عدة قوافل للحجاج ثم اقتحم البصرة عام ٩١٩م ونهبها وقتل الكثير من سكانها. وقد تكرر هذا الهجوم بعد اربع سنوات حيث تسلل ابو طاهر إلى المدينة ليلاً وذلك بأن تسلق الاسوار مع مقاتليه مستخدمين سلالم من الحبال. وكانت المذبحة في هذه المرة اسوأ من المرة الاولى وعاد القرامطة إلى الاحساء التي كانت قد اصبحت قبل ذلك بقليل مقرهم الرئيس محملين بالغنائم وبصحبتهم الكثير من الاسرى. وبعد ان دمر ابو طاهر البصرة استولى على الكوفة عام ٩٢٥م ونكل باهلها بقسوته المعهودة وبعد انتصارات حققها ضد القوات الحكومية وبنهب المدن التي وقعت في طريقه.
لقد ازدادت جرأة القرامطة بالتدريج إلى ان بلغت حد ايقافهم لحركة الحج من العراق إلى مكة وذلك بشنهم غارات متكررة وقتلهم وابادتهم المسلمين الصالحين الذين كانوا يؤدون فريضة الحج. ولم يوفر زعيم القرامطة الوحشي ابو طاهر حتى مكة المدينة المقدسة في نظر المسلمين فهاجمها في عام ٩٣٠م وموسم الحج في ذروته فقتل آلاف الحجاج في الحرم الرئيسي ونقل معه إلى الاحساء الحجر الاسود المشهور في الكعبة ، ولم يعده القرامطة الا عام ٩٥١م وذلك بالحاج من الخليفة الفاطمي المنصور.
__________________
(١) ميللر ، المصدر السابق ج ٢ ، ص ٢٨٧ وما بعدها.