لقد كان لهذه الحادثة اهمية قصوى من حيث نتائجها على مصير الخلافة نفسها لاحقاً أو مصير العراق بشكل خاص. فقبل كل شيء ادى فقدان الخلفاء لسلطتهم الزمنية إلى انقسام الدولة نهائياً إلى اجزاء الامر الذي كانت له نتائج قاتلة على العالم الاسلامي نفسه لانه جرد من امكانية مناهضة قوة الغزو المغولي الذي جاء فيما بعد ، وهي قوة ماحقة لا يمكن ان تعادلها الا قوة الخلافة الموحدة. اما بالنسبة للعراق فقد كان للحادثة المذكورة عواقب قاتلة لاتقل عن ذلك. ففارس المجاورة التي كانت قد احرزت الاستقلال التام منذ عهد خلفاء المأمون لم تكن لتستطيع مع ذلك التفكير في الاستيلاء على العراق طالما كانت سلطة الخليفة فيه محسوسة. ولكن مع فقد العباسيين لسلطتهم الزمنية أصبح العراق فريسة شهية لجميع السلالات التي ظهرت في فارس والتي كانت كل منها تسعى بمجرد ان يشتد ساعدها ، لان تأخذ من سابقتها بقوة السلاح عاصمة خليفة الرسول (ص) الآخذة بالتدهور لكي تستخدم اسم الخليفة كغطاء لاعلاء شأن سلطانها في اعين بقية العالم الاسلامي. ولان هذه السلالات جميعاً لم تعمر طويلاً فقد تحول العراق إلى مسرح لصراع دامي متواصل تقريباً بين البريديين والبويهيين والسلاحقة والايلخانيين والجلائريين والتيموريين والقره قوينلو والاق قوينلو والصفويين واخيراً العثمانيين.
لقد جلب هذا الصراع الذي تواصل لمدة ستمائة عام تقريباً باستثناء فترات قليلة ، الخراب والفوضى إلى العراق وحول هذه المنطقة التي كانت تتميز قبل ذلك بقليل بمستوى عال من تطور الثقافة والصناعة والتجارة إلى صحراء قاحلة. لقد حلت ، باختصار في حياة العراق التاريخية تلك الفترة الانتقالية التي بدأت في اللحظة التي فقد فيها العباسيون سلطتهم الزمنية وانتهت بترسيخ مواقع العثمانيين نهائياً.