وكان احد اجراءاته الرئيسة في هذا الاتجاه اقراره ابتداء من عام ٩٦٢م الاحتفال في عاصمة الخلافة علناً بذكرى الامام الحسين الذي مات في كربلاء. وقد تحتم على عاصمة العباسيين في العهد البويهي ان تعاني في احيان كثيرة من كل كوارث النزاعات الداخلية الدموية التي كانت تصل من وقت لاخر إلى احجام غير اعتيادية كما حصل مثلاً في ١٠٣٨ و ١٠٤٨ م (١).
وهكذا لم يمنح حكم البويهيين العراق الهدوء الضروري ولم يحيى في تلك المناطق سير الحياة السلمي الذي كان قد انقطع بسبب تدهور احوال الخلافة العباسية خصوصاً وان سعد البويهيين انفسهم لم يعمر طويلاً فقد برزت المنازعات حول السلطة وهي امر معتاد في الشرق (٢) بمجرد ان توفي الاخوة الثلاث مؤسسو عز هذه الاسرة ولم تلبث دولة البويهيين الواسعة التي كانت تمتد من بحر قزوين حتى الخليج ومن حدود خرسان حتى حدود الشام الشرقية ان وصلت إلى حافة الفناء. ويكمن السبب الرئيس في سقوط الاسرة البويهية في تقسيم أراضيها بين ممثلي هذه الاسرة كثيري العدد الذين رفضوا الاعتراف بعد ذلك بسلطة اكبر افراد الاسرة عليهم واصبحوا عدداً كبيراً من الحكام المستقلين الذين لم يكن الواحد منهم يقنع بالارض التي اصبحت من حصته بل يسعى لاستغلال كل فرصة سانحة لتوسيع اراضيه على حساب اراضي اقربائه ، فكان ذلك
__________________
(١) M. De hammer; histoire de I Empire ottoman trad. De I allemande par M. Dochez. Paris ١٨٤٤. T. I, P. ٤١١ FF.
(٢) يتناسى المؤلف هنا النازعات الدموية على السلطة التي حصلت في الدول الغربية في مختلف مراحل تاريخها وهي نزاعات تكاد تفوق في عنفها وقسوتها ما حصل في الشرق. (المترجم).