ان الاسباب المتشابهة تؤدي إلى نتائج متماثلة ولهذا فكما اضعفت منازعات البويهيين المستديمة تلك الاسرة قاسقطها السلاجقة بدون صعوبة كذلك ادت المنازعات الداخلية لهؤلاء إلى تجزئة الدولة التي اسسها طغرل بك إلى عدد لا يحصى من الممتلكات الصغيرة. ولم يبق لدى السلطان نفسه في فترة قصيرة شيء من دولة اسلافه التي كانت يوماً دولة مترامية الاطراف وبذلك حلت نهايتها.
لقد تميز تدهور السلالة السلجوقية في العراق بان ظهرت مجدداً على المسرح التاريخي القبائل العربية التي لعبت دوراً بارزاً في مصير هذه المنطقة. وقد وقفت على رأس الحركة قبيلة بني مزيد التي غادرت صحراء وسط الجزيرة العربية واخذت تنتقل في المنطقة الممتدة بين الحلة وهيت إلى الغرب من بغداد ، وكانت تربطها علاقات قربي بقبيلة اخرى هي قبيلة بني دبيس التي كانت تنتشر في الوقت نفسه في المنطقة الواقعة بين واسط وشوستر. لقد اخذ شيوخ بني مزيد منذ عهد البويهيين الاوخر في الربع الاول من القرن الحادي عشر (١) يشاركون بشكل فعال في صراع امير الامراء مع الدول المجاورة المعادية حتى ان فصيلاً كبيراً نسبياً كان قد شارك ضمن البساسيري اثناء هجومه على طغرل بك في بغداد. وقد حصل دبيس شيخ هذه القبيلة الذي كان يساند البساسيري بشكل فعال ضد السلاجقة على العفو بعد موت حليفه واحتفظ بمكانته. اما الشيخ صدقة حفيد دبيس الذي توحدت تحت سلطته كلتا القبيلتين ونعني بني مزيد وبني دبيس والذي تحولت مدينة الحلة ـ الواقعة بالقرب من اطلال بابل والتي كانت مقراً له ـ في زمنه إلى مركز تجاري في غاية الازهار فقد
__________________
(١) Weil, OP. Cit. T. III, s. ٦٧ FF