وبالدسيسة هناك موججاً النزاعات المستمرة بين ابناء السلطان محمد قاتل ابيه. وقد استطاع دبيس ان يثير ضد ابناء عدوه اللدود غضب عمهم القوي سنجر حاكم خرسان الذي نظم حملتين سار بهما نحو الغرب لمعاقبة اولاد اخيه. ولم يقنع ذلك دبيساً الذي كان يحدوه امل عريض بانشاء مملكة مستقلة في العراق وقد ذهبت به جرأته في هذا السبيل إلى حد انه حاول مرتين الاستيلاء على بغداد ولكنه لم ينجح في ذل جرت المحاولة الاولى في عام ١١٢٣م ولكن قوات الخليفة تغلبت عليه في معركة وقعت بين الطرفين بالقرب من قناة النيل. واراد دبيس ان يثأر لهزيمته هذه فاغار بالتحالف مع المنتفقيين على البصرة ونهبها نهباً شديداً. اما المحاولة الثانية فقد جرت في عام ١١٢٥م وكاد فيها دبيس ان يستولي على عاصمة الخلافة بمساعدة طغرل اخي السلطان الحاكم محمود. وقد تحتم على دبيس بعد هذا الفشل الجديد ان يغادر العراق ويتوجه نحو الشام ولكنه وقع وهو في الطريق إلى هناك في اسر عرب من بني كلب وبيع عبداً إلى حاكم الموصل عماد الدين زنكي وقام هذا بمساعدة دبيس على ان يشارك مرة اخرى في النزاعات والمصادمات الداخلية التي قامت بسبب موت السلطان محمود. وعلى الرغم من ان دبيساً حاول ان يستغل فترة الاضطراب هذه بما هو معروف عنه من فطنة ومقدرة لكنه لم يستطيع ان يحقق أي نجاح بل وقع في النهاية بيد السلطان الجديد مسعود الذي امر في عام ١١٣٥م بقتل هذا العدو العنيد للسلاجقة. لقد كان دبيس هذا شخصية متميزة بين المعاصريه إلى حد ان الشاعر الحريري تغنى به في قصائده كبطل عربي حقيقي (١).
__________________
(١) Ibid. TIIIS. ٢٣٢.