وفي حرف أبي : ولك قبلة هو مولّيها ، وفي حرف عبد الله : ولكلّ جعلنا قبلة هو موليها.
(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) وبادروا فعل الخيرات ، ومجازه فاستبقوا إلى الخيرات : أي يسبق بعضكم بعضا ؛ فحذف حرف الخبر. كقول الشاعر :
وهو الداعي [......] (١) عليكم بالحرب |
|
ومن يمل سواكم فإني منه غير مائل |
أراد من يمل إلى سواكم.
(أَيْنَ ما تَكُونُوا) يريد أهل الكتاب.
(يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) يوم القيامة ؛ فيجزيكم بأعمالكم.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) حيث حرف بدل على الموضع ، وفيه ثلاث لغات : بالياء وحرف الثاء وهي لغة قريش ، وقراءة العامّة ، واختلفوا في وضع رفعها فقيل :
هو مبني على الضم مثل : منذ وقط ، وقيل : رفع على الغاية كقوله (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) (٢).
وحيثَ : بالياء ونصب الثاء وهي قراءة عبيد بن عمير.
قال الكسائي : إنّما نصب بسبب الياء لأنّها ساكنة وإذا اجتمع ساكنان في حرف حركوا الثاني إلى الفتح ؛ لأنّه أخف الحركات مثل : ليت وكيف.
وحوث : بالواو والضم وهي لغة ابن عمر.
يروى إنّه سئل أين يضع المصلّى يده في الصلاة ، فقال : ارم بهما حوث وقعتا.
(فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) إلى (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) أيّها المؤمنون.
(فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) هي لام كي دخلت على أن فكتبت بالكسرة ما قبلها ، وترك بعضهم همزها تخفيفا ، والحجة فعلة من الحج وهو الفصل ، ومنه المحجة وهي الطريق الواضح المسلوك ؛ لأنّه مقصود ، ويقال : للمخاصمة محاجة لقصد كلّ واحد من الخصمين إلى إقامة بينته ، وإبطال ما في يد صاحبه.
واختلفوا في تأويل هذه الآية ووجه قوله (إِلَّا) فقال بعض أهل التأويل : ومعنى الآية حوّلت القبلة إلى الكعبة (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) إذا صلّيتم إليها فيحتجّون عليكم ويقولون : لم تركتم التوجه إلى الكعبة وتوجهتم إلى غيرها لولا إنّه ليست لكم قبلة؟
__________________
(١) كلمة سقط في المخطوط.
(٢) سورة الروم : ٤.