(وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) أي يسألون الله أن يلعنهم ويقولون : اللهمّ العنهم واختلف المفسّرون في هؤلاء اللّاعنين.
قال قتادة : هم الملائكة.
عطاء : الجنّ والأنس.
الحسن : عباد الله أجمعون.
ابن عبّاس : كلّ شيء إلّا الجنّ والأنس.
الضحّاك : إن الكافر إذا وضع في حفرته قيل له من ربّك؟ ومن نبيّك؟ وما دينك؟ فيقول : لا أدري. فيقول له : لا دريت ، ثمّ يضربه ضربة بمطرق فيصيح صيحة يسمعها كلّ شيء إلّا الثّقلان الأنس والجنّ فلا يسمع صوته شيء إلّا لعنه فذلك قوله (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ).
البراء بن عازب : إنّ الكافر إذا وضع في قبره أتته دابّة كأنّ عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح فلا يسمع أحد صوته إلّا لعنه ولا يبقى شيء إلّا سمع صوته غير الثقلين.
ابن مسعود : هو الرّجل يلعن صاحبه فترتفع اللّعنة في السماء ثمّ تنحدر فلا تجد صاحبها الّذي قيلت له أهلا لذلك فترجع إلى الّذي يحكم بها فلا تجده لها أهلا فتنطلق فتقع على اليهود فهو قوله عزوجل (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ). فمن تاب منهم ارتفعت اللّعنة عنه وكانت فيمن لقي من اليهود.
مجاهد : (اللَّاعِنُونَ) البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا أسنت السنّة وامسك المطر قالت : هذا بشؤم ذنوب بني آدم.
عكرمة : دوابّ الأرض وهوامّها حتّى الخنافس والعقارب يقولون منعنا القطر بذنوب بني آدم وإنّما قال لهذه الأشياء (اللَّاعِنُونَ) ولم يقل اللاعنات ؛ لأن من شأن العرب إذا وصفت شيئا من الجمادات والبهائم. وغيرها سوى النّاس بما هو صفة للنّاس من فعل أو قول لن يخرجوه على مذهب بني آدم وجمعهم كقولهم (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (١) ولم يقل ساجدات ، وقوله للأصنام (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) (٢) ، وقوله (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (٣) ، وقوله (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) (٤) الآية ثمّ استثنى فقال :
__________________
(١) سورة يوسف : ٤.
(٢) سورة الأنبياء : ٦٣.
(٣) سورة النمل : ١٨.
(٤) سورة فصّلت : ٢١.