جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : كان للمشركين في الكعبة ثلاثمائة وستون صنما يعبدون من دون الله إفكا وشرّا فبيّن الله تعالى لهم إنّه واحد فأنزل : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).
سعيد عن أبي الضحى : قال : لمّا نزلت هذه الآية عجب المشركون وقالوا : إنّ محمّدا يقول (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فليأتنا بآية إن كان من الصّادقين فأنزل الله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي تعاقبهما في الذهاب والمجيء والاختلاف : الافتعال من خلف يخلف خلوفا يعني إنّ كل واحد منهما إذا ذهب أحدهما جاء آخر خلافه أي : بعده ، نظير قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) (١).
عطاء وابن كيسان : أراد في اختلاف الليل والنّهار في اللّون والطّول والقصر والنّور والظلمة والزيادة والنقصان يكون أحدهما على الآخر ، والليل جمع ليلة مثل تمرة وتمر ونحلة ونحل ، واللّيالي جمع الجمع والنّهار واحد وجمعه نهر. قال الشّاعر :
لولا الثّريدان هلكنا بالضّمر |
|
ثريد ليل وثريد بالنّهر (٢) |
وقدّم الليل على النّهار بالذكر لأنّه الأصل والأقدام قال الله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (٣). خلق الله تعالى الأرض مظلمة ثمّ خلق الشمس والقمر وهذا كتقديمه الصّوامع والبيع والصلوات على المساجد.
(وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) يعني السفن واحدة وجمعه سواء قال الله تعالى : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
وقال في الجمع : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) يذكّر ويؤنّث قال الله تعالى : (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) وقال في التأنيث (الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) فالتذكير على الفظ الواحد والتأنيث على معنى الجمع.
(بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) يعني ركوبها والحمل عليها في التجارات والمكاسب وانواع المطلب.
(وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ) يعني المطر.
(فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بعد يبوستها وجدوبتها.
(وَبَثَ) نشر وفرّق.
(فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) أي يقلّبها قبولا ودبورا وشمالا وجنوبا.
__________________
(١) سورة الفرقان : ٦٢.
(٢) مجمع البيان : ١ / ٤٤٨.
(٣) سورة يس : ٣٧.