مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يعني الجدب وغلاء السعر وقحط المطر (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) أي من قوم محمد وأصحابه.
وقال بعضهم : معناه (إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) يعني الظفر والغنيمة ، (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فـ (إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يعني بالقتل والهزيمة ، (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) ، نزلت الذي حملتنا عليه يا محمد (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي الحسنة والسيئة كلها من عند الله.
ثم عيّرهم بالجهل.
فقال : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) يعني المنافقين واليهود (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) أي ليسوا يفقهون قولا إلّا التكذيب بالنعمة.
قال الفراء : قوله (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) كذبوا في الكلام ، حتى توهّموا إن اللام متصلة بها ، وإنهما حرف واحد ، ففصلوا اللام في هؤلاء في بعض المصاحف ، ووصلوها في بعضها والاتصال بالقراءة ، ولا يجوز الوقوف على اللام لأنّها لام خافضة.
(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٣) فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤))
(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ) أي من خير ونعمة (فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) أي بلية وأمر تكرهه (فَمِنْ نَفْسِكَ) أي ، من عندك وأنا الذي قدرتهما عليك ، الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد به غيره ، نظيره.
قوله (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ).
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من خدش بعود ولا اختلاج عرق ولا عثرة قدم إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر» (١) [٣٧٢].
__________________
(١) كنز العمّال : ٣ / ٣٤١ ، ح ٦٨٤٩ ، بتقديم وتأخير في العبارات ، وبتمامه في تفسير مجمع البيان : ٣ / ١٣٨.