وقال سيبويه : للنسبة أي ذات عقر ، كما يقال : امرأة مرضع أي ذات ولد رضيع وكل [...] (١) امرأتي عنى عاقر ، وشخص عاقر.
وقال عبيد : عاقر مثل ذات رحم ، أو خانم مثل من [ينحب].
(قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) : فإن قيل : لم تنكر زكريا ذلك وسأل الآية بعد ما بشرته به الملائكة أكان ذلك [شكّ في صدقهم] أم أنّ [ذلك منه استنكارا لقدرة ربّه] (٢)؟ وهذا لا يجوز أن يوصف به أهل الإيمان فكيف الأنبياء عليهمالسلام؟
قيل : إن الجواب عنه ما روى عكرمة والسدي : إن زكريا لما سمع نداء الملائكة جاءه الشيطان ، فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعته ليس من الله ، إنما هو من الشيطان يسخر بك ، ولو كان من الله لأوحاه إليك خفيا ، كما (ناداك) خفيا وكما يوحى إليك في سائر الأمور ، فقال ذلك دفعا للوسوسة.
والجواب الثاني : إنه لم يشك في الولد وإنما شك في كيفيته والوجه الذي يكون منه الولد فقال : (أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) : أي فكيف يكون لي ولد؟ أتجعلني وامرأتي شابين؟ أم ترزقنا ولدا على كبرنا؟ أم ترزقني من امرأتي أو غيرها من النساء؟ قال ذلك مستفهما لا منكرا ، وهذا قول الحسن وابن كيسان.
(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) : علامة أعلم بها وقت حمل امرأتي فأزيد في العبادة شكرا لك.
(قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ) : تكف عن الكلام.
(ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) : تقبل بكلمتك على عبادتي وطاعتي لا أنه حبيس لسانه عن الكلام ، ولكنه نهي عنه يدل عليه قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).
قال بعض أهل المعاني وقال أكثر المفسرين : عقد لسانه عن الكلام ؛ عقوبة له لسؤاله الآية بعد مساءلة الملائكة إياه ، فلم يصدر على الكلام (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) : إشارة.
قال الفرّاء : ويكون الرمز باللسان من غير أن يبين ، وهو الصوت الخفي شبه الهمس.
وقرأ الأعمش : رَمَزاً : بفتح الميم وهو الصلاة كالطلب به.
وقال عطا : أراد به صوم ثلاثة أيام ؛ لأنهم كانوا إذا صاموا لم يتكلموا إلّا رمزا.
(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) : يعني جبرئيل وحده.
__________________
(١) سقط في أصل المخطوط.
(٢) تفسير الطبري : ٣ / ٣٥٠.