أوتى بها من هذه الأرض وليست مثل هذه. قال : هي من أرض أخرى ، فاختلط على الملك فشدد عليه. قال : أنا أخبرك ، عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إيّاه. وإنّه دعا الله تعالى [فجعل الماء خمرا] وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيّام. وكان أحبّ الخلق إليه. فقال : إنّ رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا ليستجابنّ له حتى يحيي ابني ، فدعا عيسى فكلّمه في ذلك. فقال عيسى : لا تفعل ، فإنه إن عاش كان شرا ، فقال الملك : لا أبالي ، أليس أراه ، فلا أبالي ما كان.
فقال عيسى : فإن أحييته تتركوني وأمّي نذهب حيث نشاء. قال : نعم. فدعا الله فعاش الغلام. فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش بادروا بالسلاح وقالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه. فيأكلنا كما أكلنا أبوه فاقتتلوا.
وذهب عيسى وأمّه فمرّا بالحواريين وهم يصطادون السمك. فقال عيسى : ما تصنعون؟ قالوا : نصطاد السمك. قال : أفلا [تمشون] حتى نصطاد النّاس؟ قالوا : كيف ذلك. (قالَ : مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)؟ قالوا : ومن أنت؟ قال : أنا عيسى بن مريم عبد الله ورسوله. فآمنوا به وانطلقوا معه. فهم الحواريون وذلك قوله (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (١).
قال السدي وابن جريج والكسائي : مع الله ، تقول العرب : الذّود إلى الذّود إبل.
وقال النابغة.
فلا تتركوني بالوعيد كأنني |
|
إلى النّاس مطليّ به القار أجرب (٢) |
أي مع الناس.
وقال آخر (٣) :
ولوح ذراعين في بدن (٤) |
|
إلى جؤجؤ رهل المنكب (٥) |
أي مع جؤجؤ.
نظيره قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (٦) : أي مع أموالكم.
وقال الحسن وأبو عبيدة [من أنصاري في السبيل إلى الله] (٧) ، تعني في : أي من أعواني في الله؟ : أي في ذات الله وسبيله.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٣ / ٣٨٨ وما بين معقودين منه ، والحديث طويل.
(٢) لسان العرب : ١٥ / ٤٣٥ وفيه تتركني بدل تتركوني.
(٣) في المصدر : البيت للجعدي.
(٤) في المصدر : بركة.
(٥) لسان العرب : ١٥ / ١٦٧.
(٦) سورة النساء : ٢.
(٧) زيادة عن تفسير القرطبي : ٤ / ٩٧.