فقال كعب والحسن والكلبي ومطر الوراق (١) ومحمد بن جعفر بن الزبير وابن جريج وابن زيد : معناه : إنّي قابضك.
(وَرافِعُكَ) : من الدّنيا.
(إِلَيَ) : من غير موت ، يدلّ عليه قوله (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) أي قبضتني إلى السماء وأنا حيّ ؛ لأنّ قومه إنّما تنصّروا بعد رفعه لا بعد موته. وعلى هذا القول للتوفّي تأويلان :
أحدهما : إنّي (رافِعُكَ إِلَيَ) وافيا لن ينالوا منك. من قولهم : توفّيت كذا واستوفيته أي أخذته تامّا.
والآخر : إنّي مسلّمك ، من قولهم : توفيت منه كذا أي سلّمته. وقال الربيع بن أنس : معناه أنّي منيمك ورافعك إليّ من قومك ، يدل عليه قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) (٢) : أي ينيمكم ؛ لأنّ النوم أخو الموت ، وقوله (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) (٣).
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : إنّي مميتكم ، يدلّ عليه : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (٤) ، وقوله (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) (٥) وله على هذا القول تأويلان :
أحدهما : ما قال وهب : توفّى الله عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه.
والآخر : ما قاله الضحّاك وجماعة من أهل المعاني : إنّ في الكلام تقديما وتأخيرا ، معناه إنّي رافعك إليّ ...
(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : ومتوفّيك بعد إنزالك من السماء كقوله عزوجل : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (٦).
وقال الشاعر :
ألا يا نخلة من ذات عرق |
|
عليك ورحمة الله السّلام (٧) |
أي عليك السلام ورحمة الله.
__________________
(١) وهو أبو بكر الوراق.
(٢) سورة الأنعام : ٦٠.
(٣) سورة الزمر : ٤٢.
(٤) سورة السجدة : ١١.
(٥) سورة يونس : ٤٦.
(٦) سورة طه : ١٢٩.
(٧) معاني القرآن للنحاس : ١ / ٤٠٠ ، تفسير القرطبي : ٤ / ١٠٠.