وإلّا هذا من قول الله عزوجل : (قُلْ) لهم يا محمد (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) لما أنزل كتابا مثل كتابكم وبعث نبيّا مثل نبيّكم حسدتموه وكفرتم به.
(قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) الآية.
قال أبو حاتم : إنّ معناه الآن فحذف لام الجزاء استخفافا وأبدلت مدّه كقراءة من قرأ : (أَنْ كانَ ذا مالٍ) أي الآن كان.
وقوله : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) على هذه القراءة رجوع إلى خطاب المؤمنين ويكون أو بمعنى أن لأنّها حرفا شك وجزاء ويوضع أحدهما موضع الآخر وتقدير الآية : وإن يحاجّوكم يا معشر المؤمنين عند ربّكم فقل يا محمد : (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) ونحن عليه.
ويحتمل أن يكون الجميع خطابا للمؤمنين ويكون نظم الآية : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) يا معشر المؤمنين [فلا تشكّو عند تلبيس اليهود] (١) فـ (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ).
وإن حاجّوكم فـ (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ).
فهذه وجوه الآيات باختلاف القرآن. ويحتمل أن يكون تمام الخبر عن اليهود عند قوله (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فيكون قوله (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) إلى آخر الآية من كلام الله عزوجل. وذلك إنّ الله تعالى مثبّت لقلوب المؤمنين ومشحذ لبصائرهم لئلّا يشكّوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم أي : ولا تصدّقوا يا معشر المؤمنين (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) ولا تصدّقوا (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) من الدين والفضل ، ولا تصدّقوا أن (يُحاجُّوكُمْ) في دينكم (عِنْدَ رَبِّكُمْ) فيقدرون على ذلك فـ (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) و (إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) : فتكون الآية كلّها خطاب الله عزوجل للمؤمنين عند تلبيس اليهود عليهم لئلّا يزلّوا ولا يرتابوا والله أعلم. يدل عليه قول الضحّاك قال : إنّ اليهود قالوا : إنّا نحاجّ عند ربنا من خالفنا في ديننا فبيّن الله تعالى أنّهم هم المدحضون أي المغلوبون ، وإنّ المؤمنين هم الغالبون.
وقال أهل الإشارة في هذه الآية : لا تعاشروا إلا من يوافقكم على أحوالكم وطريقتكم فإنّ من لا يوافقكم لا يرافقكم.
(يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) : بنبوّته ودينه ونعمته.
(مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) : وقال أبو حيّان : إجمال القول يبقى مع رجاء الرّاجي وخوف الخائف.
__________________
(١) زيادة لتقويم النص.