وفي بعض التفاسير : إنّ الّذي يؤدّي الأمانة في هذه الآية هم النصارى ، والذين لا يؤدّونه هم اليهود.
وفي قوله (تَأْمَنْهُ) : قراءتان.
قرأ الأشهب العقيلي : تيمنه بكسر التاء وهي لغة بكر وتميم ، وفي حرف ابن مسعود ما لك لا تيمنّا.
وقراءة العامّة (تَأْمَنْهُ) بالألف. والدينار أصله دنّار فعوّض من إحدى النّونين ياء طلبا للخفّة لكثرة استعماله ، يدلّ عليه أنّك تجمعه دنانير.
وفي قوله (يُؤَدِّهِ) وأخواته خمس قراءات.
فقرأها كلّها أبو عمرو والأعمش وعاصم وحمزة : ساكنة الهاء.
وقرأ أبو جعفر ويعقوب : مختلسة مكسورة. وقرأ سلام : مضمومة مختلسة. وقرأ الزهري : مضمومة مشبعة.
وقرأ الآخرون : مكسورة مشبعة فمن سكّن الهاء فإنّ كثيرا من النحاة خطّئوه ، لأن الجزم ليس في الهاء إذا تحرك ما قبلها والهاء اسم المكنّى والأسماء لا تجزم.
قال الفرّاء : هذا مذهب بعض العرب يجزمون الهاء إذا تحرّك ما قبلها فيقول : ضربته ضربا شديدا ، كما يسكّنون ميم أنتم وقمتم وأصلها الرفع.
وأنشد :
لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع |
|
مال إلى أرطأة حقف (١) فاضطجع (٢) |
وقال بعضهم : إنّما جاز إسكان الهاء في هذه المواضع لأنّها وضعت في موضع الجزم وهو الياء الذاهب ، ومن اختلس فإنّه اكتفى بالضمّة عن الواو وبالكسر عن الياء وأنشد الفرّاء :
أنا ابن كلاب وابن أوس |
|
فمن يكن قناعه مغطيّا فإنّي لمجتلى (٣) |
وأنشد سيبويه :
فإن يكن غثّا أو سمينا فإنّه |
|
سيجعل عينيه لنفسه مغمضا |
ومن أشبع الهاء فعلى الأصل لما كان الحرف ضعيفا قوي بالواو في الضم وبالياء في الكسر.
__________________
(١) الارطاة : واحد الارط وهو شجر من شجر الرمل. والحقف : (بالكسر) ما اعوج من الرمل.
(٢) لسان العرب : ٥ / ٣٠٤.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢٤٤٧.