الحسن وابن جريج ومقاتل : بايع اليهود رجالا من المسلمين في الجاهلية فلمّا أسلموا تقاضوهم بقيمة أموالهم فقالوا : ليس لكم علينا حقّ ولا عندنا قضاء لكم تركتم الدّين الذي كنتم عليه وانقطع العهد بيننا وبينكم ، وادّعوا إنّهم وجدوا ذلك في كتابهم فكذّبهم الله تعالى فقال : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وفي الحديث : لما نزلت الآية قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنّها موفاة (١) إلى البرّ والفاجر» (٢) [٦١].
وروى أبو إسحاق الهمداني عن صعصعة : إنّ رجلا سأل ابن عباس فقال : إنّا نصيب في الغزو من أموال أهل المدينة الدّجاجة أو الشاة قال ابن عبّاس : ويقولون ماذا ؛ قال : يقولون : ليس علينا بأس. قال : هذا كما قال أهل الكتاب (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) (٣) إنهم إذا أدّوا الجزية لم يحلّ لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم ثمّ قال الله تعالى ردّا عليهم : (بَلى) : أي ليس كما قالوا ولكن (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) : الذي عاهد الله في التوراة من الإيمان بمحمّد والقرآن وأداء الأمانة.
والهاء في قوله (بِعَهْدِهِ) راجعة إلى الله عزوجل قد جرى ذكره في قوله (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ). ويجوز أن تكون عائدة إلى (أَوْفى).
(وَاتَّقى) : من الكفر والخيانة ونقض العهد.
(فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) : من هذه صفته.
وعن الحسن : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة من كنّ فيه فهو منافق وإن صلّى وصام وزعم أنّه مؤمن ، إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان» [٦٢] (٤).
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من ائتمن على أمانة فأدّاها ولو شاء لم يؤدّها زوّجه الله من الحور العين ما شاء» [٦٣] (٥).
الحسن عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «التّاجر الصّدوق الأمين مع (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ)» [٦٤] (٦).
وهب عن حذيفة قال : حدّثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ،
__________________
(١) في المصدر : مؤداة.
(٢) فتح القدير : ١ / ٣٥٤ ، تفسير مجمع البيان : ٢ / ٣٢٧.
(٣) سورة آل عمران : ٧٥.
(٤) كنز العمال : ١ / ١٧١.
(٥) تفسير مجمع البيان : ٢ / ٣٢٧.
(٦) المستدرك : ٢ / ٦.