فالأظهر أن يقال : لا بدّ من ثبوت انعقادها بالمسافر ، والإطلاق لا عموم له لغة فينصرف إلى الأفراد الشائعة ، وليس من الأفراد الشائعة انعقاد الجمعة بالمسافر ولا يتبادر من الإطلاقات ، سيّما مع ملاحظة التعليلات والأخبار الكثيرة الدالّة على أنّها لا تجب على من كان مسافرا مطلقا (١) ، وخرج منها المسافر الذي حضر الجمعة وبقي الباقي ، والمتبادر منها الجمعة المنعقدة بشرائط الانعقاد ، فتأمّل.
وكيف كان ؛ لا شكّ في أنّ الاحتياط عدم الاكتفاء بمثل هذه الصلاة للامتثال ، وسيجيء تتمّة الكلام عند ما يتعرّض عليه المصنّف.
وأمّا كونهم أحرارا ؛ فالكلام فيه كالكلام في السابق.
وأمّا كونهم غير بعيدين جميعا بفرسخين ؛ فقد نقل عن جماعة من الأصحاب عدم اشتراط ذلك ، وانعقاد الجمعة بالبعيد كالمريض والأعمى والمحبوس بمطر وأمثاله (٢) ، واحتجّوا على ذلك بعمومات غير واحد من الأخبار (٣) ، مثل قولهم : «فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا» (٤) وغير ذلك ، ومقتضى القاعدة كما عرفت ، وسيجيء تتمّة الكلام عند ما يتعرّض له المصنّف.
ثمّ اعلم! أنّ المصنف لم يذكر هذا الشرط في شروط وجوب الجمعة ، مع أنّ الإجماع واقع على سقوطها عمّن كان منها على رأس فرسخين ، والأخبار (٥) أيضا تدلّ عليه ، وسيجيء الكلام في المقام في هذا أيضا.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٣٨ الباب ١٩ من أبواب صلاة الجمعة.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٣٧ المسألة ٣٩٣ ، جامع المقاصد : ٢ / ٣٨٦ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٥٥.
(٣) في (د ٢) زيادة : أيضا.
(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٣٨ الحديث ٦٣٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٠ الحديث ١٦١٤ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٤ الحديث ٩٤١٧.
(٥) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٧ الباب ٤ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.