تصرّفاتهم الصحّة ، لا سيّما في مثل ما نحن فيه ، والظاهر أنّه أيضا صحيح.
وغالب المواضع التي طعنوا بالقياس وجدنا ـ بعنوان اليقين ـ أنّه ليس بقياس أصلا ، لاطّلاعنا على دليل التعدّي ، وجزمنا بأنّ الطاعن إمّا قاصر أو غافل أو معاند ، وقد ظهر لنا المعاندة عن بعض الطاعنين غاية الظهور ، وإلّا لما كنّا نجوز ذلك.
إذا عرفت ما ذكرنا ، فلا بدّ من بذل الجهد في معرفة القياس وغيره ممّا يشبه التمييز بين التعدّي الواجب والتعدّي الحرام البتة.
فإن قلت : لا نسلّم التعدّيات التي ذكرتها سوى التعدّي عن الحكم عن الواحد إلى الحكم على الجميع ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (١).
قلت : في بحث انفعال الماء القليل ، إذا اطّلعت على خبر يتضمّن انفعاله بنجاسة معيّنة مذكورة فيه ، مثل العذرة أو ولوغ الكلب ، تحكم حكما قطعيّا بعدم الفرق بينهما وبين سائر النجاسات ، وإذا اطّلعت على خبر أنّ الفأرة الميّتة لا تنجّسه ، تحكم حكما قطعيّا بعدم الفرق بينها وبين غيرها من النجاسات ، وتحكم بالتعارض ـ مع أنّه لا تعارض أصلا ـ وتخرب كلا الخبرين وتجمع بينهما بالكراهة ، مع أنّها ليست مدلول أحد الخبرين ، فترفع اليد عن مدلوليهما وتأخذ بالثالث ، ولا ترضى في مقام الجمع أن يكون كلّ منهما مختصّا بموضعه.
وفي البئر إذا اطّلعت على خبر يتضمّن نزحها للعذرة بمقدار معيّن لا تحكم بأنّ غير العذرة مثل العذرة ، حتّى في بول الرجل لا تحكم بأنّ بول المرأة أيضا كذلك.
وفي بحث النجاسات ؛ إذا ورد في خبر أنّ الرجل يغسل بوله عن ثوبه أو
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٤٥٦ الحديث ١٩٧.