هو الأكثر.
مضافا إلى ما ذكرنا من التفرقة والنفرة والتباغض والغيبة ، وغيرها من أنواع الأذيّة والحميّة الجاهليّة ، بل الصلحاء أيضا يقع فيهم أمثال ما ذكر وأشدّ ، ويرون ذلك شرعيّا ، بل وواجبا ، حقّا كان ما فعلوا أم باطلا.
ولا شكّ في أنّ أجزاء الزمان متشابهة ، ونوع بني آدم متماثلة ، فمن المحالات العادية وقوع الجمعة الواجبة العينيّة عن جميع المكلّفين من غير منصوب ، مع كون الكلّ مكلّفا ، ولا يكون عنه ساقطا ، ومراد الله تعالى وقوعها منه على سبيل التعيين ، وأشدّ فرض ، وأوجب وجوب.
ومع عدم الصدور عن الكلّ تقع عادة قبائح شتّى ، ومحرّمات لا تحصى أدنى قبيحة منها عدم الالفة والاتّفاق ، بل التفرقة والشقاق ، وإن لم يؤدّ إلى النفاق ، فبصدور فريضة من قليل منهم تقع محرّمات شديدة غير عديدة ، بل وترك واجبات أكيدة :
منها : القدح في عدالة الإمام بأدنى شيء ، كما هو المتعارف.
ومنها : إغماض المريدين عمّا هو قدح واقعا ، وأقلّه الرضا بالتعصّب له ، مع أنّه ورد : «أنّ من تعصّب أو تعصّب له خلعت ربقة الإسلام أو الإيمان من عنقه» (١). إلى غير ذلك.
ولعلّ هذا هو السرّ في اعتبار النصب ، والقصر عليه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمامين عليهمالسلام وغيرهما ، كما عرفت.
بل نقول : الدليل على وجوب وجود الإمام في الرعيّة يقتضي ذلك ، لأنّ بعد كون المصلحة صدور هذه الفريضة الشديدة عن كلّ واحد واحد من البريّة على
__________________
(١) بحار الأنوار : ٧٠ / ٢٩١ الحديث ١٦ و ١٧.