يكون على بصيرة فيه ، كراوي حديثهم الناظر في الحلال والحرام العارف بالأحكام ، أو على استبصار كالمقلّد لذلك العالم ، فهو ممّن فاز بالدين.
ومن لا يعرف الهرّ من البرّ ، وهم الذين يأتون البيوت من ظهورها ، فيدخل فيه من غير معرفة ، بل على التخمين ، أو الاقتفاء لآراء الماضين مع اختلافهم الشديد ، واعتراف أكثرهم بعدم جواز تقليد الميّت ، وأن لا قول للميّتين ، وإن لم يأتوا في هذا بشيء مبين ، فهو في ريب من أمره وعوج ، وفي صدره من ذلك حرج ، ألّا يقبل منه صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حجّ ، إذ العامل على غير بصيرة كالسائر على غير المنهج ، لا يزداده كثرة السير إلّا بعدا.
ثمّ إنّ صاحب هذه الأسطر ، وهو خادم العلوم الدينيّة محمّد بن المرتضى الملقب بـ «محسن» أحسن الله حاله ، يقول : إنّي كنت في عنفوان شبابي شديد الشوق إلى معرفة أحكام الدين ، والعلم بشرائع سيّد المرسلين عليه وآله أفضل صلوات المصلّين ، فكنت مع بضاعتي المزجاة أخوض في هذا الأمر تشبّها بالمتفقّهين ، إلى أن وفّقني الله سبحانه لاستنباط مفاتيح جملة من تلك الأبواب ، من مآخذها المتينة واصولها المحكمة ، وهي محكمات كلام الله عزوجل ، وكلام رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلام أهل البيت عليهمالسلام ، من غير تقليد لغيرهم وإن كان من الفحول ، ولا اعتماد على ما يسمّى إجماعا وليس بالمصطلح عليه في الاصول الراجع إلى كلام المعصوم من آل الرسول ، ولا متابعة للشهرة من غير دليل ، ولا بناء على اصول مبتدعة ليس إليها من الشرع سبيل ، ولا جمود على الألفاظ بيد قصيرة ، ولا عمل بقياسات عامية من غير بصيرة ، بل بنور من الله