التجربيّات ، بل عرفت أيضا أنّه ليس من المتواترات ، ومسلّم عندك أيضا ، وعلمت أنّه أيضا من إجماع هؤلاء ، وأنّه لو لا إجماعهم لم يتحقّق الضرورة.
وعلمت أيضا أنّ العلم بإجماعهم من التظافر والتسامع ، والتطلع والتتبّع ، والتحدّس والتفرّس ، إلى أن وصل حدّ الضرورة.
ومعلوم أنّ هذا المعنى لا يمكن حصوله عادة في آن واحد دفعة واحدة ، بل لا يتحقّق إلّا باطّلاع بعد اطّلاع ، وسماع بعد سماع ، ويتكثّر ويتكرّر إلى أن يصل إلى ذلك الحدّ ، وإلّا فمعلوم أنّ الاطّلاع على حال واحد منهم ، وسماع كلام شخص منهم لا يفيد العلم فضلا عن الضرورة ، بل ربّما لا يفيد الظنّ أيضا ، بل بعد ما يتزايد يتحقّق الظنّ ، ثمّ لا يزال يتزايد إلى أن يصل إلى حدّ العلم ، وابتداء حدّ العلم هو الإجماع النظري ، لصدق تعريفه ، وأحكامه وهي عدم كفر منكره ، وتحقّق التقليد فيه ، وتوقّف العلم والحكم على ملاحظة المنشأ وما هو سبب للعلم وغير ذلك.
ثمّ لا يزال يتأكّد العلم ويتشدّد ويتقرّر ويستحكم إلى أن يصل حدّ الضرورة ، ويتحقّق أحكامها ومنها كفر منكرها وغير ذلك ، فبحسب العادة ما لم يتحقّق الرجحان والظنّ لم يتحقّق العلم ، وما لم يتحقّق العلم لم يتحقّق الضرورة ، فإنكار النظري ـ مع الاعتراف بالضروري ـ فاسد بالضرورة.
وأيضا قد عرفت بعنوان الضرورة أنّ الضروريّات ليست بحسيّات ، ولا حاصلة من خصوص حسيّات ، بل ولا من الحسيّات ، كما عرفته مفصلا.
مع أنّ تبعة أرسطو إذا اتّفقوا على شيء نعلم أنّه ليس منهم ، بل نعلم أنّه من أرسطو وإن كانوا كفّارا ، وليس ذلك من قبيل اتّفاقهم على قدم العالم بالبديهة.
والحاصل ؛ أنّ حال الإجماع حال التواتر ، وكما لا يحصل من التواتر في قدم العالم العلم به ، ويحصل من التواتر في أنّه قديم عند فلان ـ مثل أرسطو ـ العلم بأنّه قديم عنده ، وكذا لا يحصل من الإجماع العلم بأنّ المسألة كذا ، بل يحصل منه العلم