وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (١). فأثبت له ولأخيه ولمن اتبعهما الغلبة ولم تكن غلبتهما بالقوة والكثرة وإنما كانت بالحجة وبيانه قوله تعالى (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) (٢). وهو الحجة.
والدليل على أن السطان هاهنا هو الحجة ، قوله تعالى في موضع آخر : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ) (٣) يعني بالحجة.
وقال سبحانه وتعالى شاهدا له بالخلافة في قومه : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (٤). وإذا كانت هذه المنازل حاصلة لهارون من موسى عليهما السلام وقد جعله النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى وجب أن يثبت له جميع منازل هارون من موسى (ع) إلا ما استثناه من النبوة لفظا والإخوة عرفا.
ولما علم النبي صلى الله عليه وآله ، أن عليا (ع) يعيش بعده وأن هارون مات في حياة موسى وأنه إن أطلق اللفظ من غير تقييد بالاستثناء توهمت النبوة في جملة المنازل المستحقة له قال مستثنيا إلا أنه لا نبي بعدي.
وثبت له أيضا بما بيناه من فرض الطاعة ما ثبت للنبي (ص) ، من فرض الطاعة فليتأمل ذلك ففيه كفاية.
فكن بها منقذي من هول مطلعي |
|
يوما وأنت على الأعراف مطلع |
* * *
__________________
(١) القصص : ٣٥.
(٢) وفى نسخة : وثبت انه قوله تعالى ونجعل لكما سلطانا.
(٣) الرحمن : ٣٣.
(٤) الاعراف : ١٤٢.