وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (١) شق ذلك على اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وقالوا : اينا لم يظلم نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليس كما تظنون وانما هو كما قال «لقمان» لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) ، وهذا التأويل بعينه في تفسير سورة لقمان في تأويل قوله تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٣).
ذكره رزين العبدري في الجزء الثالث من الجمع بين الصحاح الستة من صحيح أبي داود السجستاني وصحيح الترمذي فصارت الإمامة مستحقة له بطريق لا ينبغي أن يستحق إلا منها كما أن النبوة مستحقة للنبي صلى الله عليه وآله بطريق لا ينبغي أن تستحق إلا منها.
ويزيده بيانا أن إبراهيم عليه السلام لما طلب الإمامة لبنيه قال الله سبحانه وتعالى مجيبا له : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٤) قال إبراهيم عليه السلام : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥). فجعل المستحق لهذه الدعوة من بنيه هو الذي اتبعه وهو الذي لم يعبد الأصنام جعله منه دون من عبدها وإن كان من ولده أيضا لأن الله سبحانه وتعالى لما منعه الدعوة إلا مع التقييد وهو ترك عبادة الأصنام سأل ذلك لبنيه الذين يستحقون هذه المنزلة ومثل ذلك قوله سبحانه وتعالى حاكيا عن نوح : (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) (٦) فقال الله سبحانه وتعالى مجيبا له : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (٧) وقرئ عمل غير صالح فبين له تعالى من أي طريق نفى عنه لفظة الأهلية ولم ينف عنه صحة النسب فقال تعالى : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ـ أو عمل غير صالح ـ فلذلك خرج من ان يكون من
__________________
(١) الانعام ـ ٨٢.
(٢) لقمان ـ ١٣.
(٣) صحيح البخاري الجزء السادس ص ١١٤ مع اختلاف قليل.
(٤) البقرة ـ ١٢٤.
(٥) ابراهيم ـ ٣٦.
(٦) هود ـ ٤٥.
(٧) هود ـ ٤٦.