واما كونها زائدة : فمثل قوله سبحانه وتعالى : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (١) أي ما لكم إله غيره لأن معنى الزائد أنه إذا حذف لم يتغير الكلام ومع حذف هذه من صح إخلاص التوحيد.
وأما كونها لتبيين الجنس فمثل قوله سبحانه وتعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) (٢) فنهى في لفظ الآية بفحوى الخطاب عن الرجس كافة ثم قال تعالى مبينا لما ورد النهي عنه فقال (مِنَ الْأَوْثانِ) فبين الجنس المنهى عنه من دون غيره في تلك الحال ، فإذا ثبت ذلك فقول النبي صلى الله عليه وآله : على منى وانا منه ، لا يخلو ان يراد بلفظة «من» احد هذه الاقسام الاربعة ، فنقول : اما ابتداء الاية : وهو الوجه الاول فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله ، لانه إذا كان ابتداء غاية علي عليه السلام من ابتداء غاية النبي صلى الله عليه وآله ، فكيف يجوز العكس في الكلام بعد الطرد بقوله صلى الله عليه وآله : وانا من على ، لانه يجب ان يكون ابتداء غاية النبي صلى الله عليه وآله من ابتداء غاية علي عليه السلام وهذا متناقض.
واما الوجه الثاني ـ وهو كونها للتبعيض ، فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله لانه ليس بجزء من علي ، ولا علي عليه السلام جزء منه ، وهذا معلوم ضرورة ، ولا يحتاج إلى دليل.
واما الوجه الثالث ـ وهو كونها زائدة ، فلا يجوز ان يكون مراده صلى الله عليه وآله لان معنى الزائدة إذا حذفتها لم يتغير الكلام ، وهذه «من» إذا حذفت من احدهما تغير الكلام والمعنى ، لانها إذا حذفت صار الكلام تقديره : على انا وانا على وهذا ما لا يقوله عاقل.
واما الوجه الرابع ـ وهو كونها لتبيين الجنس ، فهو المراد بقوله صلى الله عليه وآله ، من دون سائر الاقسام فيكون قوله صلى الله عليه وآله : «مني» : من جنسي في التبليغ والاداء ووجوب فرض الطاعة ، لان النبي صلى الله عليه وآله نبي وامام ، كما قال تعالى لابراهيم عليه السلام (إِنِّي
__________________
(١) القصص : ٣٩.
(٢) الحج : ٣٠.