يدل على صحة هذا التأويل قوله صلى الله عليه وآله في الخبر : رجلا منى ، أو قال : ـ مثل نفسي ـ فدل على ان المراد بذلك التنويه باستحقاق الولاء لانه مثل نفسه في استحقاق الولاء.
ويزيده بيانا وايضاحا قول عمر بن الخطاب وقسمه بالله تعالى : انه ما اشتهى الامارة الا يومئذ ، والمتمني والطالب والمشتهى لا يطلبون ما هو دون قدرهم الا ما هو اعلى من قدرهم.
والدليل على ذلك قوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) (١) فدل على ان التمنى انما يكون لما فضل به البعض على البعض لا بما استووا فيه.
ويزيده بيانا ما تقدم في الخبر الاول من قول ابى بكر : انا هو يا رسول الله؟ قال : لا.
فقال عمر : يا رسول الله انا هو؟ قال : لا فلولم يعلما ان ذلك كان علامة من النبي صلى الله عليه وآله تدل على مستحق الامر بعده ، ما تطاولا إلى طلبة ذلك واحد بعد واحد.
فان قال قائل : انهما انما طلبا ذلك لانه مما ظن (٢) كل واحد منهما ان يكون له ذلك لانه صلى الله عليه وآله قال : رجلا قد امتحن الله قلبه للايمان ، لا لموضع استحقاق الامر بعده قلنا : الذي يدل على كونه لاستحقاق الولاء دون ما عداه قوله صلى الله عليه وآله : «ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» فجعل القتالين سواء لانه ذكرهما بكاف التشبيه ، لان انكار التأويل كأنكار التنزيل سواء لان منكر التنزيل جاحد لقبوله ومنكر التأويل جاحد لقبول العمل به ، فهما سواء في الجحود وليس مرجع قتال الفريقين الا إلى النبي صلى الله عليه وآله أو إلى من قام بعده في مقامه فدل على ان الكناية انما كانت لاستحقاق الامامة حسب ما قدمناه.
وقوله صلى الله عليه وآله عنه بلفظ : «الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى» وهو واحد في هذه
__________________
(١) النساء : ٣٢.
(٢) وفى نسخة : «مما يحب» بدل «مما ظن».