بدليل ما فضل الله تعالى به من يعلم على من ليس كذلك وهو قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١) فقد فضل من يعلم على من ليس يعلم ووبخ من لم يتذكر وجعل التذكرة في ذلك إنما هي لأولى الألباب.
وبقوله تعالى (وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ) (٢) وبقوله (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٣). ويزيده بيانا وإيضاحا في وجوب الاقتداء بمن كان أعلم قوله تعالى (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٤) فجعل اتباع من كان أعلم بكلامه (٥) سبحانه وتعالى الذي ارتضاه ووبخ من لم يحكم بحكمه تعالى بقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) و (الْفاسِقُونَ) و (الظَّالِمُونَ) (٦) فوجبت ولايته بطريق لا ينبغي أن تجب ولاية غيره وإمامته أيضا كذلك وثبت بذلك أيضا صحة ميراث النبي صلى الله عليه وآله فلا معنى لإنكاره.
ويدل على صحة ميراث النبي (ص) من الكتاب العزيز مشيدا لهذا الخبر ودالا على صحته قوله تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) (٧) وقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (٨) فدل ذلك على استحقاق ميراث الأنبياء عليهم السلام فإنكاره مخالف للكتاب والسنة بما قدمناه فلا يعتد به.
ويزيده بيانا قوله تعالى : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) فميراث يحيى ، الكتاب والسنة عن ابيه عليهما السلام وميراثه من آل يعقوب ، المال بغير شبهة لان الحاجة من آل يعقوب إلى يحيى في معنى الكتاب والسنة لا حاجته إليهم ، فكيف يرث منهم
ما هو مستحق له من غيرهم وماهم محتاجون فيه إليه دون حاجته هو إليهم فيه وهو به اعلم.
__________________
(١) الزمر : ٩.
(٢) العنكبوت : ٤٣.
(٣) فاطر : ٢٨.
(٤) يونس : ٣٥.
(٥) وفى نسخة : اعلم احكمه.
(٦) مائدة : ٤٧ ـ ٤٥ ـ ٤٤.
(٧) النمل : ١٦.
(٨) مريم : ٥.