الايمان ، وقد تقدم له نظائر ، وهذا مما لا يماثل فيه ولا يشابه وهو من خصائص الائمة ، وبه وجب اقتداء الامة لان من لا تثبت الاعمال الا بولائه كان الاتباع له الزم ، والاقتداء به اسلم.
ومنها قوله صلى الله عليه وآله : مثل على في هذه الامة كمثل الكعبة ، النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة ، وهذا ايضا مما اوجب فرض ولائه كما وجب فرض الحج ، وولائه الزم لان الحج في العمر مرة وهو من افعال الجوارح ، وهذا من افعال القلوب وهو واجب مضيق لا يسع الاخلال به في حال من الاحوال.
ويدل على صحة هذا التأويل ما قدمناه في الفصل الذي قبله من قول ابن عباس عند موته : اللهم انى اتقرب اليك بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ، واهملنا الكلام سهوا ، وهذا القول من ابن عباس من ادل دليل على ان الميت يسئل عن معرفة الله تعالى ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله وولاء امير المؤمنين على عليه السلام ، لانه قد ثبت عند من يعلم ومن لا يعلم ان منكرا ونكيرا ومبشرا وبشيرا ليسألان الميت عند نزول قبره : عن ربه ونبيه وامامه ، وهذا من ادل دليل على سؤال الملائكة عن ولاية امير المؤمنين عليه السلام ، ولولا ذلك لما جعل ابن عباس خاتمة عمله ، لانه كان اعلم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بعد امير المؤمنين على عليه السلام بلا خلاف (١).
وقد كان يقول له امير المؤمنين عليه السلام دائما : انت كنيف (٢) مملو علما ، ولو لم يتحقق في ذلك حالا (٣) من النبي صلى الله عليه وآله لما كان قد جعل غاية تقربه إلى الله ـ وهو اخر كلام يكتب له : ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.
ولو لم يعلم ان فيها النجاة لما جعلها آخر عمله ، وهذا مما يوجب على كافة
__________________
(١) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد الجزء الثاني ص ٣٦٥ ـ ٣٧٢.
(٢) الكنف : الوعا «الذي يضع الرجل فيه اداته» ، وتصغيره على جهة المدح له ـ لسان العرب.
(٣) والظاهر ان يكون هكذا : ولو لم يتحقق في ذلك ، مقال من النبي «ص» ....