صلى الله عليه وآله قضيت بحكم الله وربما قال قضيت بحكم الله وربما قال قضيت بحكم الملك. (١)
قال يحيى بن الحسن : فهذه حالة كان امير المؤمنين عليه السلام فيها مثل النبي صلى الله عليه وآله على سواء ، والنبى اخبره بذلك حين قال له : امح رسول الله ، فقال : ما كان لى ان امحوه ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ستدعى إلى مثلها فتجيب وانت على مضض (٢) فذلك انه لما كان صبيحة ليلة الهرير جاء اصحاب معاوية بخمس مائة مصحف على خمس مأة رمح وقالوا : يا اهل العراق ، حاكمونا إلى كتاب الله تعالى فان كان فيه ما يوجب قتلنا والا فاتركونا ، فقال امير المؤمنين عليه السلام لاصحابه : اليس الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (٣) فهؤلاء بغاة على الامام وقتال البغاة على الامام واجب ، فلم يرجعوا إلى ما امرهم ، وكان من امرهم انهم قالوا له : تحكم وتكتب بينك وبينهم مقاضاة ويكون الحكم في ذلك «ابا موسى الاشعري» فقال لهم : لا احكم احدا ابدا فلما ابوا عليه ، قال : فإذا كان لا بد من الحكم ، فيكون الحكم ولدى «الحسن» ولم يقبلوا قال : فيكون الحكم ابن عمى : عبد الله بن عباس فلم يقبلوا ، فحيث لم يقبلوا ، تركهم إلى رأيهم في الحكم ، فلما حضروا الكتابة المقاضاة وكان عبد الله بن العباس «رضى الله عنه» كاتب امير المؤمنين عليه السلام فلما كتب : هذا ما قاضا عليه امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لمعاوية بن ابى سفيان فقال له عمرو بن العاص : امح «امير المؤمنين» فانا لا نعرفه ، فلو عرفنا انه امير المؤمنين لما نازعناه ، فقال امير المؤمنين عليه السلام لابن عباس : امحه ، فقال ابن عباس لا امحوه ، فمحاه امير المؤمنين عليه السلام بعد ان قال لعمرو بن العاص : يابن النابغة ألا تعرف امير المؤمنين؟ فقال ابن العاص : والله لاجمعنى واياك مجلس ابدا ، فقال
__________________
(١) صحيح الترمذي ج ٤ ص ١٤٤ مع اختلاف يسير.
(٢) في شرح النهج لابن ابى الحديد ج ٢ ص ٢٣٢ من الطبعة الحديثة تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم : وانت مضطهد. واما المضض : وجع المصيبة ـ مجمع البحرين.
(٣) التوبة : ١٢.