ما هو عليه ، يدل عليه قوله تعالى :
(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) (١) وقوله تعالى (وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) (٢) وهذا خطاب من الله تعالى لكافة اهل الاسلام الذين هم على طاعة الله تعالى ، وانما خاطبهم بذلك تعالى لان يزيدهم رغبة في طاعته ، ويثبتهم على ما هم عليه من الطاعة ، ولو لا ذلك لكان هذا الخطاب لم يكن متوجها الا إلى من لم يطع الله تعالى.
وفيه ايضا تعريض بان النبي صلى الله عليه وآله بطاعته لله تعالى ، اطاعه الله تعالى ، وتنبيه على الحث على طاعة الله باو جزالكلام ، وعلى استحقاق الجزاء عليها ، ألا ترى إلى قولك لغيرك : ان تقم اقم ، وان تطعني اطعك ، وان تعصنى اعصك ، لم يرد بذلك نفى الطاعة عن المقول له ، وانما اراد به ذكر استحقاق الجزاء على طاعته له وكذلك في المعصية لم يرد به اثبات المعصية من المقول له وانما اراد به ذكر استحقاق الجزاء على ذلك فيكون ذلك القول ترغيبا في الطاعة لموضع استحقاق الجزاء عليها وترهيبا لفعل المعصية لموضع النهى عن فعلها.
وما ذكره الثعلبي فيدل ايضا على ان ايمانه اجلى واوضح من كل شئ ، ألا ترى إلى قوله له في جواب قوله : يا ابة ، آمنت بالله ورسوله وصدقته فيما جاء به وصليت معه ، فقال له في الجواب : أما ان محمد صلى الله عليه وآله لا يدعو الا إلى خير فالزمه ، فأن اقراره بان محمدا صلى الله عليه وآله لا يدعو الا إلى خير مع شرح الدين الذي هو عليه ثم قوله : فالزمه ، من ادل دليل على الاقرار باتباع الرسول ، لان الانسان لا يختار لولده الا ما يرتضيه لنفسه ، وربما طلب لولده من الخير زيادة على ما يطلبه من الخير لنفسه ، ولو علم ان النجاة في غير اتباع النبي صلى الله عليه وآله ، لحذر ولده من اتباعه ، ونهاه عن ارتكاب ذلك الدين الذي ارتكبه.
وقد ذكر مقاتل في تفسيره في سورة الانعام في قوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ
__________________
(١) النور : ٥٤.
(٢) الحجرات : ١٤.