كل واحد منهم على حدته فنقول في بقاء عيسى عليه السلام : وهو قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) (١) ولم يؤمن به منذ نزول هذه الاية إلى يومنا هذا احد ، فلا بد من ان يكون ذلك في آخر الزمان ، وكذلك الدجال لم يحدث حدثا منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وآله على ماروى في الصحاح انه صلى الله عليه وآله رآه ، إلى يومنا هذا.
فلا بد من ان يكون ذلك في آخر الزمان ، وكذلك المهدى عليه السلام مذ غيبته إلى يومنا هذا لم يملاء الارض قسطا وعدلا ، كما تقدم ذكره في الخبر ، إلى يومنا هذا ، فلابد ان يكون ذلك مشروطا بآخر الزمان ، وبقاء ارباب هذه الاسباب لاستيفاء هذه الشروط وصحة وجودها ، فيكون بقاء هذه الثلاثة موقتا لصحة اشراط الساعة ، فعلى هذا فقد اتفقت اسباب بقاء الثلاثة لصحة امر معلوم في وقت معلوم وهم صالحان : نبى وامام وطالح (٢) عدوالله ، وهو الدجال.
وقد تقدمت الاخبار من الصحاح بما ذكرناه بصحة بقاء الدجال مع صحة بقاء عيسى ، فما المانع في بقاء المهدى عليه السلام مع كون بقائه باختيار الله تعالى وداخلا تحت مقدوره سبحانه وهو اولى بالبقاء من الاثنين الاخرين ، لانه إذا بقى المهدى عليه السلام كان امام آخر الزمان يملاء الارض قسطا وعدلا ، على ما تقدمت به الرواية من الصحاح فيكون بقاءوه مصلحة للمكلفين ولطفا لهم.
والدجال إذا بقى فبقاءوه مفسدة للمكلفين لما ذكر من ادعائه الربوبية وفتكه (٣) بالامة ، وفى بقائه وجه من وجوه الحسن وهو اختبار الله تعالى سبحانه خلقه بفتنة الدجال ليعلم منهم المطيع من العاصى ، والمحسن من المسيئ ، والمفسد من المصلح وإذا بقى عيسى عليه السلام فلسبب ليؤمن به قوم من اهل الكتاب وهو ان يؤمنوا به : انه عيسى وانه مصدق بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وبامامة هذا الامام من امة محمد صلى الله عليه وآله فيكون
__________________
(١) النساء : ١٥٩.
(٢) الطالح : خلاف الصالح ، رجل طالح أي فاسد لا خير فيه ـ لسان العرب.
(٣) وفى نسخة : وقتله للامة.