وفى سرد ما خالف اليهود فيه الحق وادعوا أنه مشروع لهم يقول البوصيرى :
وبأن أموال الطوائف حللّت |
|
لهم ربا وخيانة وغلوّا |
وصدهم عن سبيل الله هو منعهم الناس عن معرفة الله معرفة صحيحة ، وعبادته على الوجه الذي يرضيه ، ولا عجب فهم مشركون غير موحدين كما علمت مما سلف ، فهم لا يعبدون الله بما شرعه الله ، بل بما شرعه البشر ، واليهود قد كفروا بالمسيح وهو المصلح الأكبر فى شريعتهم ، والنصارى يعبدون المسيح وأمه والقديسين ، وجلّ عبادتهم من صلاة وصيام لم تكن فى عهد المسيح.
ومن أنكى طرقهم فى الصد الطعن فى النبي الأعظم والكتاب الكريم ، وإفسادهم عقائد النشء فى المدارس التي يتعلمون فيها ، ولا يخفى ما لذلك من سوء الأثر فى الدين والأخلاق والاجتماع.
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي وكل من يكنز الذهب والفضة ، ولا يخرج منهما الحقوق الواجبة ، سواء أكان من الأحبار والرهبان أم كان من المسلمين ، ويؤيد هذا أن يزيد بن وهب قال : مررت بأبى ذر بالرّبذة (موضع بين مكة والمدينة) فقلت يا أبا ذر ما أنزلك هذه البلاد ، فقال : كنت بالشام فقرأت : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) فقال معاوية هذه الآية نزلت فى أهل الكتاب ، فقلت إنها فينا وفيهم ، فصار ذلك سببا للوحشة بينى وبينه ، فكتب إلىّ عثمان أن أقبل إلىّ ، فلما قدمت المدينة انحرف الناس عنى كأنهم لم يرونى من قبل ، فشكوت ذلك إلى عثمان ، فقال لى تنحّ قريبا ، فقلت إنى والله لن أدع ما كنت أقول.
ومعنى قوله : ولا ينفقونها فى سبيل الله أي ولا يؤدون ركاتها ، فقد أخرج مالك والشافعي عن ابن عمر قال : ما أدّى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وما لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا. وأخرج ابن عدى والخطيب عن جابر رضى