أي إن المؤمنين المقيمين فى أرض المشركين وتحت سلطانهم وحكمهم ، ودارهم دار حرب وشرك لا يثبت لهم شىء من ولاية المؤمنين الذين فى دار الإسلام ، إذ لا سبيل إلى نصر أولئك لهم.
أما من أسره الكفار من دار الإسلام فله حكم أهل هذه الدار ، ويجب على المسلمين السعى فى فكاكهم بقدر ما يستطيعون من الحول والقوة ، بل يجب بذل هذه الحماية لأهل الذمة أيضا.
(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي إنه لا ولاية لكم عليهم إلا إذا قاتلهم الكفار أو اضطهدوهم لأجل دينهم وطلبوا نصركم عليهم ، فعليكم أن تساعدوهم بشرط أن يكون الكفار حربيين لا عهد بينكم وبينهم ، أما إن كانوا معاهدين فيجب الوفاء بعهدهم ولا تباح خيانتهم وغدرهم بنقض العهود والمواثيق.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فعليكم أن تقفوا عند حدوده ، وأن تراقبوه وتتذكرو اطلاعه على أعمالكم ، وتتوخّوا فيها الحق والعدل ؛ وتتقوا الهوى الذي يصد عن ذلك.
وبهذه المحافظة على العهود والمواثيق سرا وجهرا امتازت الشريعة الإسلامية على الشرائع الوضعية ، فشعار أهلها الوفاء بالعهود والبعد عن الخيانة والغدر.
وإن أعظم دول المدنية فى العصر الحاضر تنقض عهودها جهرة متى وجدت الفرصة سانحة ، ولا سيما عهودها للضعفاء ، وتتخذها خداعا مع الأقوياء ، وما أكثر ما تنقضها بالتأويل والتحايل فى التفسير إذا رأت فى ذلك مصلحتها ، حتى قال رئيس الدولة الألمانية : ما المعاهدات إلا قصاصات ورق ، وقال بسمارك أكبر ساسة هذه الدولة : المعاهدات حجة القوى على الضعيف ، وأبرع الساسة فى التفصّى منها بالتأويل هم الإنكليز.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي فى النصرة والتعاون على قتال المشركين ،