الإيضاح
(١) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي هؤلاء الكلمة هم المؤمنون الذين هجروا أوطانهم فرارا بدينهم من فتنة المشركين إرضاء لربهم ونصرا لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله :
أي بذلوا الجهد بقدر الوسع ، واقتحموا المشاق.
أما ما كان من بذل الأموال فهو قسمان :
(ا) ما ينفق فى التعاون والهجرة والدفاع عن دين الله ونصر دينه وحماية رسوله.
(ب) ما يكون بسخاء الأنفس بترك ما تركوه فى أوطانهم عند خروجهم منها.
وما كان من بذل الأنفس فهو أيضا ضربان :
(ا) قتال الأعداء وعدم المبالاة بكثرة عددهم وعددهم.
(ب) ما يكون قبل القتال من احتمال المشاق ومغالبة الشدائد والصبر على الاضطهاد والهجرة من البلاد ، وما يصحب ذلك من سغب وتعب ونحو ذلك.
(٢) (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا) أي والذين آووا الرسول ومن هاجر من أصحابه ونصروهم وأمنوهم من المخاوف ، فقد كانت يثرب ملجأ المهاجرين ، شاركهم أهلها فى أموالهم وآثروهم على أنفسهم وقاتلوا من قاتلهم وعادوا من عاداهم ، ومن جراء هذا جعل الله حكمهم حكم المهاجرين فى قوله :
(أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي يتولى بعضهم من أمر الآخرين ما يتولونه من أمر أنفسهم حين الحاجة إلى التعاون والتناصر فى القتال وما يتعلق به من الغنائم لأن حقوقهم ومرافقهم مشتركة ، ويجب عليهم كفاية المحتاج ، وإغاثة المضطر منهم.
(٣) (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) الولاية بفتح الواو وكسرها ، وقيل هى بالفتح خاصة بالنصرة والمعونة والنسب والدين ، وبالكسر فى الإمارة وتولى الأمور العامة ، لأنها من قبيل الصناعات والحرف ،