بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله (الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) ، ورفع بعض الأنام على بعض فصيره أفخم قدرا ، وأعظم ذكرا ؛ وأحل نبيه محمدا المختار من شريف النسب في المجد الصراح ؛ واصطفاه للإيثار بمنيف الحسب وسرة البطاح ، وأطلع شمس فخره في أفق العلى ساطعة الشعاع ، ووصل حسبه ونسبه يوم القيامة بعدم الانقطاع. فهذا أكرم البرية نفسا وآلا ، وافضلها حالا ومآلها وأتم العالم جمالا ؛ وأكمله تفصيلا وإجمالا ؛ فصل اللهم عليه صلاة تجاري سابق فخره ، وتباري باسق قدره ، وعلى آله المتفرعين من دوحة نبوته ، المترفعين الى ذروة الشرف بمنحة نبوته ، وعلى أصحابه المغترفين من شرب العناية ، المعترفين بنشر القبول من مهب الرعاية ، ما أضحك مدمع السحاب ثغور الروض ، واتصل حبلا العترة والكتاب حتى يردا على الحوض.
أما بعد : فان علم النسب علم عظيم المقدار ، ساطع الأنوار ؛ أشار الكتاب الآلهي إليه فقال سبحانه وتعالى : «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا». وحث النبي الأمي عليه ، فقال : «تعلموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم» ، لا سيما نسب آل الرسول صلىاللهعليهوآله ، لوجوب توخيهم بالاجلال والاعظام ، كما وضح فيه البرهان ، ودل عليه القرآن ، وكيف لا وهم خيرة الله التي اختارها ورفع في البلاد والعباد منارها ، ولم تزل أنسابهم التي اليها يعتزون على تطاول الأيام مضبوطة ، وأحسابهم التي بها يتميزون على تداول الأقوام عن الخلل