قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ مدينة دمشق [ ج ٣ ]

تاريخ مدينة دمشق

الاجزاء

تحمیل

تاريخ مدينة دمشق [ ج ٣ ]

478/519
*

قريش : اركب نركب معك ، فإن شققت (١) جبلا شققنا معك ، وإن خضت بحرا خضنا معك. قال : فركب فركبت معه قريش جميعا فأخذ على أعلى مكة ، وانحدر على أسفلها ، فلما أن لم ير شيئا ترك الناس واتّشح بثوب ، وارتدى بآخر ، وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعا ، ثم أنشأ يقول :

يا ربّ إن محمدا لم يوجد

فجميع قومي كلها (٢) متردد

فسمعت مناديا ينادي من جو الهواء (٣) : معاشر القوم ، لا تضجّوا (٤) ، فإن لمحمد ربّا لا يخذله ولا يضيّعه. فقال عبد المطلب : يا أيّها الهاتف من لنا به؟ قالوا : بوادي تهامة عند شجرة اليمنى ، فأقبل عبد المطلب راكبا فلما صار في بعض الطريق تلقاه ورقة بن نوفل ، فصارا جميعا يسيران فبينما هم كذلك إذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قائم تحت شجرة يجذب أغصانها ويعبث بالورق. فقال عبد المطلب : من أنت يا غلام؟ فقال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال عبد المطلب : فدتك نفسي ، وأنا جدك عبد المطلب ، ثم احتمله على عاتقه (٥) ولثمه وضمّه إلى صدره ، وجعل يبكي. ثم حمله على قربوس (٦) سرجه ، وردّه إلى مكة ، فاطمأنت قريش ، فلما اطمأن الناس نحر عبد المطلب عشرين (٧) بعيرا وذبح أكبشا (٨) والبقر ، وحمل طعاما وأطعم أهل مكة.

قالت حليمة : ثم جهّزني عبد المطلب بأحسن الجهاز وصرفني ، وانصرفت إلى منزلي ، وإذا بكلّ خير دنيا ، لا أحسن وصف كنه خيري وصار محمد عند جده.

قالت حليمة : وحدثت عبد المطلب بحديثه كله ، فضمّه إلى صدره وبكى ، وقال : يا حليمة إنّ لابني شأنا ، وددت أني أدرك ذلك الزمان.

__________________

(١) في الدلائل : فإن سبقت خيلا سبّقنا معك.

(٢) في البيهقي : كلهم.

(٣) بالأصل وخع : «من حواليهم» والمثبت عن البيهقي.

(٤) في البيهقي : لا تصيحوا.

(٥) بعدها في البيهقي : وعانقه.

(٦) القربوس : حنو السرج (اللسان).

(٧) في الدلائل : جزورا.

(٨) في الدلائل : الشاء.