قائمة الکتاب
باب تطهير قلبه من الغل وإنقاء جوفه بالشّقّ والغسل
٤٥٨
إعدادات
تاريخ مدينة دمشق [ ج ٣ ]
تاريخ مدينة دمشق [ ج ٣ ]
المؤلف :أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
الموضوع :التاريخ والجغرافيا
الناشر :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :519
الاجزاء
تحمیل
قريش : اركب نركب معك ، فإن شققت (١) جبلا شققنا معك ، وإن خضت بحرا خضنا معك. قال : فركب فركبت معه قريش جميعا فأخذ على أعلى مكة ، وانحدر على أسفلها ، فلما أن لم ير شيئا ترك الناس واتّشح بثوب ، وارتدى بآخر ، وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعا ، ثم أنشأ يقول :
يا ربّ إن محمدا لم يوجد |
|
فجميع قومي كلها (٢) متردد |
فسمعت مناديا ينادي من جو الهواء (٣) : معاشر القوم ، لا تضجّوا (٤) ، فإن لمحمد ربّا لا يخذله ولا يضيّعه. فقال عبد المطلب : يا أيّها الهاتف من لنا به؟ قالوا : بوادي تهامة عند شجرة اليمنى ، فأقبل عبد المطلب راكبا فلما صار في بعض الطريق تلقاه ورقة بن نوفل ، فصارا جميعا يسيران فبينما هم كذلك إذا النبي صلىاللهعليهوسلم قائم تحت شجرة يجذب أغصانها ويعبث بالورق. فقال عبد المطلب : من أنت يا غلام؟ فقال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. قال عبد المطلب : فدتك نفسي ، وأنا جدك عبد المطلب ، ثم احتمله على عاتقه (٥) ولثمه وضمّه إلى صدره ، وجعل يبكي. ثم حمله على قربوس (٦) سرجه ، وردّه إلى مكة ، فاطمأنت قريش ، فلما اطمأن الناس نحر عبد المطلب عشرين (٧) بعيرا وذبح أكبشا (٨) والبقر ، وحمل طعاما وأطعم أهل مكة.
قالت حليمة : ثم جهّزني عبد المطلب بأحسن الجهاز وصرفني ، وانصرفت إلى منزلي ، وإذا بكلّ خير دنيا ، لا أحسن وصف كنه خيري وصار محمد عند جده.
قالت حليمة : وحدثت عبد المطلب بحديثه كله ، فضمّه إلى صدره وبكى ، وقال : يا حليمة إنّ لابني شأنا ، وددت أني أدرك ذلك الزمان.
__________________
(١) في الدلائل : فإن سبقت خيلا سبّقنا معك.
(٢) في البيهقي : كلهم.
(٣) بالأصل وخع : «من حواليهم» والمثبت عن البيهقي.
(٤) في البيهقي : لا تصيحوا.
(٥) بعدها في البيهقي : وعانقه.
(٦) القربوس : حنو السرج (اللسان).
(٧) في الدلائل : جزورا.
(٨) في الدلائل : الشاء.