ثمّ ذكر كاشف الغطاء قدس سره الظروف التي ألجأت الشيعة إلى التقيّة ، ثمّ بيّن المواقع الاستثنائية التي كانت توجب وتقتضي ترك التقيّة ، والتضحية في سبيل الدين فقال فيما أفاد :
تغلّب معاوية على الأُمّة وابتزّها الإمرة عليها بغير رضا ، وصار يتلاعب بالشريعة الإسلاميّة حسب أهوائه ، وجعل يتتبع شيعة علي عليه السلام ويقتلهم تحت كلّ حجر ويأخذ على الظنّة والتهمة ، وسارت على طريقته العوجاء وسياسته الخرقاء الدولة المروانيّة ، ثمّ جاءت العبّاسيّة فزادت على ذلك بنغمات اضطرت الشيعة إلى كتمان أمرها تارة والتظاهر به أُخرى زنة ما تقتضيه مناصرة الحق ومكافحة الضلال وما يحصل به اتمام الحجة ، وكي لا تعمى سبل ال حق بتاتاً عن الخلق.
ولذا تجد الكثير من رجالات الشيعة وعظمائهم سحقوا التقية تحت أقدامهم وقدموا هياكلهم المقدّسة قرابين للحق على مشانق البغي ، وأضاحي في مجازر الجور والغي.
أهل استحضرت ذاكرتك شهداء (مرج عذراء) ـ قرية من قرى الشام ـ وهم أربعة عشر من رجال الشيعة ، ورئيسهم ذلك الصحابي الذي انهكه الورع والعبادة (حجر بن عدي الكندي) الذي كان من القادة في فتح الشام؟!
قتلهم معاوية صبراً ثمّ صار يقول : ما قتلت أحداً إلّا وأنا أعرف فيما قتلته خلا حجر ، فانّي لا أعرف بأيّ ذنب قتله.
نعم ، أنا أعرّف معاوية بذنب حجر ، ذنبه ترك العمل بالتقيّة وغرضه اعلان ضلال بني أُميّة ومقدار علاقتهم من الدين.
وهل تذكرت الصحابي الجليل : عمرو بن الحمق الخزاعي ، وعبد الرحمن حسان العنزي ، الذي دفنه زياد في (قس الناطف حيّاً)؟
أتراك تذكرت ميثم التمّار ، ورشيد الهجري ، وعبد الله بن يقطر ، الذي شنقهم ابن زياد في كناسة الكوفة ..