طالب عليه السلام بعد بيانه غضب الأعداء لمقامه ، وظلم الأعداء لحقّه بصراحة بيّنة ووضوح تام ، أمام الجماعة الظالمة بلا تقيّة ولا مداراة.
وقد نقل تصريحاته التابعي الجليل سليم بن قيس الهلالي في كتابه الشريف وإليك النصّ الكامل المفصّل الذي ينبغي ملاحظته من كلامه :
قال سليم بن قيسٍ : فلم يبق يومئذٍ من شيعة عليّ عليه السلام أحدٌ إلّا تهلّل وجهه وفرح بمقالته ، إذ شرح أمير المؤمنين عليه السّلام الأمر وباح به ، وكشف الغطاء ، وترك التّقيّة ، ولم يبق أحدٌ من القرّاء ممّن كان يشكُّ في الماضين وكيفُّ عنهم ويدع البراءة منهم ورعاً وتأثُّماً إلّا استيقن واستبصر وحسن وترك الشّكّ والوقوف ،.
ولم يبق أحدٌ حوله أتى بيعته على وجه ما بويع عثمان والماضون قبله إلّا رئي ذلك في وجهه ، وضاق به أمره ، وكره مقالته ، ثمّ إنّهم استبصر عامّتهم وذهب شكّهم.
قال أبانٌ ، عن سليم : فما شهدت يوماً قطُّ على رءوس العامّة أقرّ لأعيننا من ذلك اليوم لمّا كشف للنّاس من الغطاء ، وأظهر فيه من الحقّ ، وشرح فيه من الأمر ، وألقى فيه التّقيّة والكتمان ، وكثرت الشّيعة بعد ذلك المجلس مذ ذلك اليوم ، وتكلّموا ...
وقد كانوا أقلّ أهل عسكره ، وصار النّاس يقاتاتلون معه على علمٍ بمكانه من الله ورسوله ، وصارت الشّيعة بعد ذلك المجلس أجلّ النّاس وأعظمهم (١).
وهذا أصح تبيان ، وأملح بيان ، بأنّ الشيعة تبعاً لسادتهم وأئمّتهم عليهم السلام لا تعمل بالتقيّة في كلّ مقام ، بل ان لتقيتهم مواردها المعلومة ومقاماتها الحكيمة.
وأمّا اذا توقّف احقاق الحلق وابطال الباطل على عدم التقيّة وكشف الحق والحقيقة فانك لا ترى من عملهم ولا من كلامهم أثراً من التقيّة ، ولا وميضاً من مداراة ..
__________________
١. كتاب سلين بن قيس الهلالي : ج ٢ ، ص ٦٧٠.