بل هو أبداً ثابت ليس له زمان انتفاء.
الحادية والعشرون : في تعريف المسند إليه ، أمّا إن كان للعهد الذهني فيصحّ الابتداء به ، وأمّا إن كان للاستغراق فله وللمبالغة المطلوبة التي عرفتها.
الثانية والعشرون : في تقديم الظرف أعني في إتيانها على « منقع » ووجهه التوجيه ورعاية القافية والوزن وتقريب الضمير من مرجعه والاهتمام ، لكون الكلام في بيان صفات الصلال وإفادة الاختصاص بادّعاء أن لا سمّ في غيرها ؛ إمّا لحقارة سموم غيرها بالنسبة إلى سمومها في الغاية أو بادّعاء أنّ جميع السموم قد اجتمعت في أنيابها.
الثالثة والعشرون : في أنّ هذه الأبيات الأربعة أهي أخبار أم إنشاءات؟
فنقول : إنّها أخبار من وجه إنشاء من آخر ، وذلك أنّ كلّ مركّب تام أو غيره فله وضعان : أحدهما شخصي وهو وضع مفرداته ، والآخر : نوعي وهو وضع الجملة وله بحسب كل ّوضع معنى فنحو : زيد قائم ، مثلاً ، معناه بحسب الوضع الشخصي : أنّ القيام ثابت لزيد ، ومعناه بحسب الوضع النوعي إخبار المخاطب بذلك.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ربّما يؤتى بالجملة الخبرية ويراد بها الإنشاء بالنسبة إلى وضعه الشخصي كما يراد بذلك المثال أمر زيد بالقيام.
وكما أنّه يراد بنحو : رحم اللّه فلاناً ، طلب الرّحمة له من اللّه تعالى.
وقد يؤتى بها ويراد بها الإنشا بالنسبة إلى وصفه الثاني كقوله تعالى حكاية : ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ) (١) فإنّه لم يرد إخبار اللّه
__________________
١ ـ مريم : ٤.