و ( الّذينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وعن قول اللّه عزّوجلّ : ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) وعن قول اللّه عزّوجلّ : ( وَلَو تَرى إِذْ يَتَوفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ ) (١) ، وقد يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلاّ اللّه عزّ وجلّ فكيف هذا؟ فقال : إنّ اللّه تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح ـ بمنزلة صاحب الشرطة ، له أعوان من الإنس ويبعثهم في حوائجه ـ فتتوفّاهم الملائكة ويتوفّاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفّاهم اللّه عزّوجلّ من ملك الموت (٢).
إلى غير ذلك من الأخبار التي تضاهيها فأُبهم الفاعل ؛ ليبقى التوفّي على إطلاقه ، أو لعدم علم المتكلّم بأنّ الواقع أيّ نوع من الأنواع الثلاثة. هذا إن قرئ « توفّيت » على البناء للمفعول.
فإن قرئ مبنيّاً للفاعل ، فترك المفعول للرابع والخامس من الوجوه ولاتّباع الاستعمال الغالب ، ولتنزيله منزلة « متّ ».
الثالثة : التعبير عن التوفّي بالماضي ؛ لتنزيله في القطع بحصوله منزلة الماضي ، ولذا نرى الغالب بعد « إذا » هو الماضي ؛ لما عرفت أنّ « إذا » للقطع بحصول الشرط.
وفيه نكتة أُخرى : هي أنّه لمّا كان أمراً مكروهاً ثقيلاً على النفوس وأراد المتكلّم توطين نفسه عليه ، أبرزه في صورة الأمر الواقع ليسرع نفسه في التهيّؤ والتوطّن له أو تسلّى بأنّه كأنّه قد وقع وانقضى ، أو أنّ الناظم رحمهالله لمّا رأى أنّ من المتكلّمين بذلك من يطمع في الملك ويرغب في توفّي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عبّر بالماضي على
__________________
١ ـ الأنفال : ٥٠.
٢ ـ الشيخ الصدوق : من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٣٦ ، ح ٣٦٨.