(١١٦٠) وأما كتاب يحيى النحوي في مناقضة الرجل ، فكتاب ظاهره سديد وباطنه ضعيف. وفي الوقوف على تلك الشكوك والتوصل إلى حلها قوة للنفس وغزارة للعلم. وقد قضيت الحاجة في ذلك فيما صنفته من كتاب «الشفاء» العظيم المشتمل على جميع علوم الأوائل ، حتى الموسيقي ، بالشرح والتفصيل والتفريع على الأصول. وتلك الشكوك ليست مما يتفطن (٤٤٦) لعقدها الرسميون ممن تعلمه ، فإن انحلالها مبنيّ على فروع أصول من كتاب «السماع الطبيعي». فإن بين «السماع الطبيعيّ» وبين «السماء والعالم» أصولا هي فروع للاصول (٤٤٧) الموردة في «السماع الطبيعي». وتلك الفروع غير مصرّح بها (٤٤٨) في «السماع الطبيعي» تصريحا بالفعل ، بل بالقوة. فمن لم يتقدم أولا ويمخض (٤٤٩) معاني «السماع الطبيعي» عن زبد تلك الفروع ، كان مفرّطا فيما يحاوله من فهمه ، وعرض له ما عرض لفلان وفلان ويحيي النحوي.
ولقد حاول قوم مناقضة تلك المناقضة ، فأتوا البيوت من ظهورها دون أبوابها (٤٥٠) ، وحملوا أنفسهم على القناعة بما أوردوه حملا عسوفا. ونحن فقد أوضحنا هذه المتوسطات بين الكتابين ، ومن وقف عليها وجد جميع الشكوك
__________________
(٤٤٦) لر : يعطى. (٤٤٧) لر : الاصول.
(٤٤٨) لر : بما. (٤٤٩) لر : تمخض.
(٤٥٠) نسخة لر : لا من أبوابها.
__________________
(١١٦٠) يحيى النحوي الاسكندراني المصري ، كان بمصر أيام ولاية عمر واتصل بعمرو بن العاص. وكان من شراح كتب أرسطو. جاء ذكره في صوان الحكمة : ٢٧٦. وتاريخ الحكماء للقفطي : ٢٣٢. ونزهة الأرواح ٢ / ١٩.
ويظهر من مطابقة ما في هنا مع ما في تاريخ الحكماء للبيهقي (ص ٣٩) أنه خلط بين يحيى النحوي هذا ويحيى النحوي الملقب بالبطريق.
وأما ما ذكره الشيخ من كتابه فيحتمل أن يكون ما أشار إليه السجستاني : «كان نصرانيا ، فنقم عليه النصارى خوضه في شرح كتب الحكيم أرسطوطيلس ، المنطقية والطبيعية منها خصوصا ، وهمّوا في بابه بأنواع من الاضطهاد له ، إلى أن أظهر لهم مخالفته في اصوله ، وتفادى منهم بعمل كتابه الذي يرد فيه على الحكيم وينقض مذاهبه ، وفي الكتاب الذي عمل في الرد على أبرقلس».