جميع ما كان يملكه ، وعاد «القولنج» للأمير شمس الدولة ، وطلب الشيخ واعتذر إليه ، فأقام عنده مكرما واعيدت الوزارة إليه ثانيا.
فشرع هناك بتأليف كتاب الشفاء وابتدأ بالطبيعيات ، ومات شمس الدولة وبويع لابنه ، وطلبوا استيزار الشيخ فأبى عليهم.
فاتهموه بمكاتبة علاء الدولة (٥) وأخذوه وحملوه إلى قلعة فردجان ، وبقي فيها أربعة أشهر ثم أعادوه إلى همدان.
قال الجوزجاني : «وعزم على التوجه إلى أصفهان ، فخرج متنكّرا ـ وأنا معه وأخوه وغلامان ـ في زيّ الصوفية ، إلى أن وصلنا إلى طهران على باب أصفهان ، بعد أن قاسينا شدائد في الطريق ؛ فاستقبلنا أصدقاء الشيخ وندماء الأمير علاء الدولة وخواصّه ...».
واختصّ الشيخ بعلاء الدولة وصار من ندمائه إلى أن عزم علاء الدولة على قصد همدان ؛ وخرج الشيخ في صحبته ... وصنّف كتاب الإنصاف ، وفي اليوم الذي قدم فيه السلطان مسعود أصفهان نهب عسكره رحل الشيخ ، وكان الكتاب في جملته وما وقف له على أثر ، ثم قصد علاء الدولة همدان وكان الشيخ معه ... وهناك انتقل إلى جوار ربّه ، ودفن بهمدان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وكانت ولادته في سنة سبعين وثلاثمائة ؛ وجميع عمره ثمان وخمسون سنة.
وكان مشتغلا بالكتابة والتأليف ضمن أسفاره واشتغالاته ، فقد ألّف كتبا
__________________
(٥) أبو جعفر محمد بن دشمنزيار الملقب بعلاء الدولة وكاكويه ، وهو ابن خال مجد الدولة بن فخر الدولة ـ السابق الذكر ـ كان حاكما على أصفهان بعد فخر الدولة حتى سنة ٤٢٧ وانهزم من السلطان مسعود الغزنوي (٤٢١ ه) ومن أميره بو سهل الحمدوني (٤٢٥ ه) ثم أخيرا فى (٤٢٧ ه) ، ولم يرجع إلى الحكم. (راجع تاريخ مفصل ايران ـ اقبال ١٨٢ و ٢٧٠ و ٢٦٤).