دراسة موضوعية جديدة ، رأيناهم يقفون من المنادى المعرف المفرد (اي اسم العلم المنادى) موقفين كلاهما يثير الدهشة. فقد ذهب جمهورهم الى انه معرب مرفوع بغير تنوين ، وهو موقف مقبول الى حد كبير لو انهم اكتفوا به ولم يعترفوا بأنه «مفعول في المعنى» وان كان «لا معرب له يصحبه من رافع ولا ناصب ولا خافض» ، ويذهبوا الى انهم ـ اي العرب ـ لم يخفضوه «لئلا يشبه المضاف» ولم ينصبوه «لئلا يشبه ما لا ينصرف» ، ورفعوه بغير تنوين «ليكون بينه وبين ما هو مرفوع برافع صحيح فرق». وتمسّك الفراء بأن «الاصل في النداء ان يقال (يا زيداه) كالندبة ، فيكون الاسم بين صوتين مديدين ، هما (يا) في اول الاسم ، و (الالف) في آخره. والاسم فيه ليس بفاعل ولا مفعول ولا مضاف اليه. فلما كثر في كلامهم استغنوا بالصوت الاول ، وهو (يا) في اوله ، عن الثاني ، وهو (الالف) في آخره ، فحذفوها وبنوا آخر الاسم على الضمّ تشبيها بـ (قبل) و (بعد) لأن الالف لما حذفت ، وهي مرادة معه ، والاسم كالمضاف اليها اذ كان متعلقا بها ، أشبه آخره آخر ما حذف منه المضاف اليه وهو مراد معه ، نحو (جئت من قبل ومن بعد) ، اي من قبل ذلك ، ومن بعد ذلك» (١).
__________________
(١) الانصاف في مسائل الخلاف ، المسألة ٤٥.