فلا يسقون ولا يطعمون ، فبعداً وسحقاً لما كسبت أيديهم ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون » (٥٠).
معطيات الرسالة :
الأوّل : إنّ طلب الإمام عليهالسلام للخلافة الظاهرية أعني السلطة الزمنية لم يكن هو الهدف والغاية التي يطمح لها ، بل كان طلبه لها ما هو أسمى من ذلك بكثير ، فإنّ الهدف الأساس للإمام عليهالسلام إنّما هو إحياء الحق وإماتة الباطل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، أمّا وقد بلغ الأمر إلى أن يسلم الإمام عليهالسلام أسيراً إلى معاوية فيقتله أو يطلقه فتكون سبّة على بني هاشم إلى أبد الدهر ، أو يقتل غيلة بدون أي فائدة تجنى من وراء ذلك ، فالصلح مع معاوية خير وأولى ، حفاظاً على نفسه وإبقاء على أهل بيته والخلّص من شيعته ، مع الشروط التي ستقيّد معاوية إن هو عمل بها ، أو يبقى عار التخلّف عنها صورة ماثلة أمام الأجيال تحكي ما انطوت عليه سريرته من حب المُلك والسلطان بأي طريق أتى ومن أي مسلك حصل.
الثاني : قدّم الإمام عليهالسلام استعداده للتنازل لمعاوية بالأمر ، وإنّه شرّ لمعاوية في معاده ، فإنّه جاء إلى الأمر بغير طريقه المشروع وأخذه من أهله بالمكر والخديعة والقهر والغلَبَة.
فلا يعني تنازل الإمام عليهالسلام عن الخلافة الظاهرية إعطاء الشريعة لمعاوية.
الثالث : إنّ معاوية سوف يندم على سيّىء صنيعه كما ندم غيره ممّن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حيث لم ينفع الندم.
وقد علّق الشيخ
الصدوق رحمهالله على هذه النقطة من كلام الإمام عليهالسلام بقوله : « فإن قال قائل : مَن هو النادم القاعد ؟ قلنا : هو الزبير ، ذكره أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ما أيقن بخطأ ما أتاه ، وباطل ما قضاه وبتأويل ما عزاه ، فرجع