قائمة الکتاب
واقع الشعر الإسلامي بعد الخلافة
١٤٧
إعدادات
المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية
المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية
تحمیل
يصدع بالحقّ هادراً في كلام يفيض أدباً ثم يختمه بهذه الأبيات :
ومارست هذا الدهر خمسين حجّةً |
|
وخمسا اُزجِّي قائلاً بعد قائلِ |
فلا أنا في الدنيا بلغت جسيمها ؟ |
|
ولا في الذي أهوى كدحت بطائلِ |
وقد شرعت دوني المنايا أكفّها |
|
وأيقنت أنّي رهنَ موتٍ مُعاجلِ |
وبالإضافة إلى الجانب الوعظي الذي يعتبر صرخة في الضمير الاُموي المشرف على الهلاك الذي ضمّته هذه الأبيات إلّا أنّ في البيت الأخير إشارة صريحة إلى توجّس الإمام من الغدر الاُموي ، وهو بذلك يرسي واحدة من قواعد الشاعر الملتزم بمبادئه ، فهو يقول كلمته حتى ولو كانت سبباً للمتاعب والأخطار ، لأنّ الشاعر ضمير الاُمّة الحي وحامل همومها وآمالها.
وقد تربّى شعراء مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بهذه التربية على مرّ العصور ، وليست بعيدة عن ذاكرة المثقّف العربي موقف شعراء كبار مثل الفرزدق والكميت ودعبل الخزاعي والسيد الحميري وكثير أمثالهم.
وبالإضافة إلى الفائدة الجمّة من هذه المواقف في إرساء الشجاعة والجرأة لدى الأديب الإسلامي ، فإنّ هناك فوائد اُخرى لا يُستهان بها ؛ إذ أزاح بعض تلك المواقف الستار الكثيف من التعتيم والتضييع على كثير من النصوص الشعرية ، بل وحتى الحقائق التاريخية المغيّبة.
ففي محاورة طويلة عاصفة بين الإمام الحسن عليهالسلام وبين معاوية وعمرو بن العاص والوليد بن المغيرة ، يكشف الإمام عليهالسلام كثيراً من الحقائق المطموسة ، ثم يأتي على نصوص شعرية منسيّة تزيح القناع عن الوجوه الكالحة ، ومنها قصيدة عمرو بن العاص حين أراد الخروج إلى النجاشي في محاولة لاستعادة المهاجرين المسلمين الأوائل الذين فرّوا بدينهم إلى أرض الحبشة وفيها يقول :
تقول ابنتي أين هذا الرحيلُ ؟ |
|
وما السيرُ منّي بمُستنكَرِ |