العقائدي الواضح لحالة الإمام المعصوم عليهالسلام لكنّها تحاوره ببديلٍ شعري هو معادل وجداني للفكرة يقرّره الشاعر هكذا :
وسوف أراك بها شاخصاً من بعيد
وجوداً .. وجوداً
مقابل ان كلّ الوجودات غيره فانية حتى أكفّ الحياة التي قرأها الشاعر.
ولا يفوتني ان اُشير إلى أنّي أقرأ لعلي الفرج محاولته الاُولى في الشعر الحرّ التي تكشفه لنا متمكّناً أيضاً في هذا النوع من الفن الشعري الذي اتمنّى أن يواصل كتابته فيه شاعراً ولائياً تحاصره الحداثة وتطرق بواباته نصف المغلقة.
أمّا عن قصيدته العمودية ( صوفيّة جرح ) فقد تعمّد علي الفرج فيها ان يقف مع الجمال على أرضيته ، وأن يحلّق في فضاءاته الواسعة على حساب كلّ ما هو بليغ ، فقصيدته جميلة أكثر منها بليغة ، بل انّه بدأ ينسف بعض الجسور التي تجعله متواصلاً مع البلاغة القديمة ، ولنقل أيضاً : إنّ الشاعر بدأ يتلمّس طريقه إلى بلاغة جديدة من صنعه هو ، وهذه الخطوة المفتوحة بقوّة في طريقه الإبداعي محسوبة على محاولاته للخروج والتجاوز والتخطّي وعلى مستويات عدّة ، فمنها انّ الشاعر اختار النظم ـ عمودياً ـ على بحر الخفيف المجزوء وهو صيغة حديثة في النظم انتشرت بكثرة منذ أقل من قرن من الزمان في الشعر العمودي ، وهو لم يكتف بذلك فقط ، بل دوّر ( ٣٢ ) بيتاً من أصل ( ٤٥ ) بيتاً على غير عادة النظم في هذا البحر ، ليحقّق تعبيراً صارخاً عن ضيقه بهيكلية الصدر والعجز في البيت الشعري ، وتوزيع الكلمات والجمل عليهما ، فلو نظرنا إلى توزيع عدد الأبيات على القوافي لرأينا الآتي :
قافية حرف القاف ( ١٣ ) بيتاً ، قافية حرف الفاء ( ١١ ) بيتاً ، قافية حرف الراء ( ١٠ ) أبيات ، قافية حرف الميم ( ١١ ) بيتاً.