ممّا يؤشّر أنّ الشاعر لم يحتفل بنظام حسابي معيّن لهندسة قصيدته ، وهذا أيضاً يوضّح نفوره وضيقه من التقليد ويؤكّد خروجه وتجاوزه لما هو سائد ومألوف :
أمّا على المستوى التركيبي فسنرى :
كان نهراً محاصراً |
|
وحريقاً تدفّقا |
أو :
فتمشّى به الجحيم شفيفاً وأزرقا |
أو :
أنا شيء من الرماد صريع بأحرفي |
من فجائية التركيب يصل الشاعر إلى صوره الجميلة ، والتراكيب عنده عبارة عن مادّة تعبيرية يوصل بها ما يريد وما يختار ، فشعره منحاز إلى الصيرورة والتوليد أكثر من انحيازه للكينونة والثبات ، بمعنى انّه يجمع احتمالات الولادة والطزاجة ليفاجىء المتلقّي ويسحره ويسحبه إلى داخل عوالمه الجميلة :
وارتمى بعض ضوئه في يد الاُفق وانهمر |
فغدا يصنع الصباح الذي يشرب السحر |
أمّا على المستوى الدلالي فأنّ القصيدة قد تلاعبت بضمائر ثلاثة ( أنا .. أنتَ .. هو ) أو ( المتكلّم والمخاطب والغائب ) ثلاثة أشخاص تناوبوا على أبيات القصيدة.
فافتتح الشاعر القصيدة مع ضمير الغائب بسبعة أبيات ليعرض حالة وجه ممزّق ونهر محاصر وحريق ، وهذه كلّها إسقاطات للجرح الذي يدور بصوفيّته على ما أراد الشاعر التعبير عنه وتوصيله لنا بعد ذلك :
يحتدم بعدها الحوار
بين ( أنا وأنتَ ) أي بين المتكلّم والمخاطب وعلى