لا يمكن الاعتماد علىٰ شيءٍ منها ، وقد اعترف محمد أبو زهرة بوجود رواياتٍ مدسوسةٍ فيها ، والقارىء لهذه الروايات وسواها يتلمّس نقاط ضعفها علىٰ الوجه التالي :
١ ـ اضطراب هذه الروايات وتناقضها ، فصريح بعضها أنّ جمع القرآن في مصحف كان في زمان أبي بكر ، والكاتب زيد ، وأنّ آخر براءة لم توجد إلّا مع خزيمة بن ثابت ، فقال أبو بكر : « اكتبوها ، فانّ رسول الله قد جعل شهادته بشهادة رجلين » (١) ، وظاهر بعض هذه الروايات أنّ الجمع كان في زمان عمر ، وأنّ الآتي بالآيتين خزيمة بن ثابت ، والشاهد معه عثمان ، وفي حديث آخر : « جاء رجلٌ من الأنصار وقال عمر : لا أسألك عليها بيّنة أبداً ، كذلك كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢). وفي غيره : فقال زيد : من يشهد معك ؟ قال خزيمة : لا والله ما أدري. فقال عمر : أنا أشهد معه » (٣). وظاهر بعض هذه الروايات أيضاً أنّ الجمع تأخّر إلىٰ زمان عثمان بن عفان.
واضطربت الروايات في الذي تصدّىٰ لمهمّة جمع القرآن زمن أبي بكر ، ففي بعضها أنّه زيد بن ثابت ، وفي أُخرىٰ أنّه أبو بكر نفسه وإنّما طلب من زيد أن ينظر فيما جمعه من الكتب ، ويظهر من غيرها أنّ المتصدّي هو زيد وعمر ، وفي أُخرىٰ أن نافع بن ظريب هو الذي كتب المصاحف لعمر » (٤).
______________________
(١) الاتقان ١ : ٢٠٦.
(٢) كنز العمال ٢ : ح ٤٣٩٧.
(٣) كنز العمال ٢ : ح ٤٧٦٤.
(٤) أُنظر منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ٢ : ٤٣ ـ ٥٢ ، وأُسد الغابة : ترجمة نافع بن ظريب.