العناية بالبديعيات وبلاغتها
اتسع نطاق الدراسات في اللغة ، فشمل جوانب اللغة من غير النحو والصرف ، وفقهها ، فعني العلماء بأساليب العربية ، مبينين فصاحتها وبلاغتها ، وأوجه البيان والمعاني فيها.
ومن المعلوم أن أساليب العرب في جاهليتهم وإسلامهم كانت تسير على وفق سجيتهم وطبائعهم ، وسلائقهم العربية ، من غير أن يعتورها وهن أو خطأ أو يتسرب إلى اللسان لحن أو ضعف.
وفي غضون التاريخ الممتد من أول الدعوة الإسلامية حتّى القرن الثاني الهجري كان علماء التفسير والعربية وشراح الشعر والدواوين يقحمون موضوع البلاغة والفصاحة في مقدمة أعمالهم ، ويجتهدون في التفتيش في أنواعها وموضوعاتها المتمثلة في البديع والبيان والمعاني.
ولسنا نريد هنا أن نقدم بين يدي القارئ شيئا عن مبادئ البديع والمعاني والبيان من موضوعات البلاغة ؛ لأن هذه بحوث في كتب البلاغة الخاصة ، ولكننا نريد هنا أن نقدم شيئا عن جهود علماء العربية في هذا الفن.
والمعروف أن البديع ـ وهو وجه من وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى المقام ، ووضوح الدلالة على المرام ـ قد ورد منه صور في القرآن الكريم بشكل معجز ، لأنّه جاء غير متكلف ، بل ولج الآذان من غير استئذان ، وتعلق بالقلب من غير كد ، كما عبر عنه البلاغيون ، وكذلك الحال في حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكثير من الشعر العربي ، ولكنه بدأ يتكاثر بشكل واضح ، متميز في شعر بضعة شعراء إسلاميين عاشوا في المائة الثانية ، كمسلم بن الوليد في مثل قوله :